كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 1)

قول ثالث ورابع: إنه إجماع قطعي، أو حُجة قطعية.
والقول الخامس: إنه ليس لإجماع ولا حجة؛ لاحتمال تَوقُّف الساكت أو ذهابه إلى تصويب كل مجتهد. وحكاه القاضي أبو بكر عن الشافعي واختاره، وقال: إنه آخر أقواله. وإمامُ الحرمين، وقال: (إنه ظاهر المذهب؛ إذ قال الشافعي: لا يُنْسَب إلى ساكت قول. وهي من عباراته الرشيقة) (¬١).
وقال الغزالي في "المنخول": (إنه نَص عليه في الجديد) (¬٢).
وذكر غيره أنَّ الشافعي نَص على ذلك في "الرسالة" في قوله: (إنَّ أبا بكر قسم فسوى بين الحر والعبد، ولم يُفضل، فقسم عُمَرُ فألقى العبيد، ثم قسم عَلي - رضي الله عنه -). إلى أنْ قال: (فلا يُقال لِشيء مِن هذا: "إجماع". ولكن يُنْسَب إلى أبي بكر فِعله، وإلى عُمَر فِعله، وإلى عَلي فِعله، ولا يُقال لغيرهم ممن أخذ منهم [موافقة ولا مخالفة] (¬٣). ولا يُنْسَب إلى ساكت قول) (¬٤). انتهى
وقد حمل المحققون هذا المنقول عن الشافعي على نَفْي الإجماع القطعي وأنه لا ينفي أنه إجماع ظني، ويكون معنى قوله: "لا يُنسب إلى ساكتٍ قول" أَيْ: صريح، لا نَفْي الموافقة التي هي أَعَم من التصريح، كما يقول في سكوت البكر عند الاستئذان: إنه إذْن. ولا [يُسميه] (¬٥) قولًا، وكذا الولي إذا سكت عند الحاكم عن التزويج، يُسمَّى "عضلًا"، ولا
---------------
(¬١) البرهان (١/ ٤٤٨).
(¬٢) المنخول (ص ٣١٨).
(¬٣) كذا في جميع النُّسَخ، ولفظ الشافعي في (اختلاف الحديث، ص ٥٠٥): موافق لهم ولا مخالف.
(¬٤) اختلاف الحديث (ص ٥٠٥).
(¬٥) كذا في (ص، ظ). لكن في (ز، ق، من، ت): نسميه.

الصفحة 427