كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 1)

بناءً على جواز تعليل الحكم الواحد بِعِلَّتين، وهو الصحيح كما سيأتي في باب القياس.
أما إذا قلنا: لا يجوز تعدُّد العِلَل، فيمتنع إحداث عِلة أخرى؛ لأن عِلتهم مقطوع بصحتها، ففيه دليل على فساد غيرها؛ ولهذا قال القاضي عبد الوهاب: إنَّ العلة إنْ كانت لحكم عقلي فلا يجوز إحداث علة أخرى له؛ لأن الحكم العقلي لا يُعلَّل بِعِلتين.
الثالثة: إذا أوَّلوا تأويلًا للفظٍ، هل لمن بعدهم إحداث تأويل آخَر؛ الصحيح الجواز كما سبق.
وقيل: لا يجوز؛ لأنه كالمذهب، لا كالدليل. واختاره القاضي عبد الوهاب، قال: لأنَّ الآية مثلًا إذا احتملت معاني وأجمعوا على تأويلها بأحدها، صار كالإفتاء -في حادثة تحتمل أحكامًا- بحكم؛ فلا يجوز أن يُؤَوَّل بغيره كما لا يُفتَى [بغير ما] (¬١) أفتوا به.

تنبيه:
قيَّدوا المسائل الثلاث بما إذا لم ينصُّوا على منع غير ما ذكروه، بأنْ يصرحوا بفساد غيره، أو يجمعوا على أنه لا دليل على كذا إلا ما استدلوا به حيث [ساغ] (¬٢) ذلك. ففي "الملخص" للقاضي عبد الوهاب أن الدليل الثاني إنْ كان مما [تتغير] (¬٣) دلالته، صح إجماعهم على كونه دليلًا.
أو قالوا في العلة: (لا علة للحكم إلا هذه)، أو بكون العلة الثانية تخالف الأُولى في بعض الفروع، فإنَّ الثانية تكون فاسدة.
---------------
(¬١) كذا في (ز، ش)، لكن في سائر النسخ: بغيره كما.
(¬٢) كذا في (ص، ض). وفي سائر النُّسخ: شاع.
(¬٣) في (ق): لا تتغير. والعبارة نقلها الزركشي في (البحر المحيط، ٣/ ٥٦٥) هكذا: (فإنْ كان الدليل الثاني مما يتغير دلالته صح إجماعهم على منع كونه دليلًا).

الصفحة 462