كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

وأُجيب بأنه لم يذكروه بمعناه الخاص عند الأصوليين، بل بمعنى الكثرة كما قال ابن عبد البر في حديث المسح على الخفين: إنه استفاض وتَواتَر. ونحو ذلك.
والله أعلم.
ص:
٢٦١ - [لِذَا] (¬١) يُفِيدُ الْعِلْمَ بِالضَّرُورَهْ ... في جُملَةٍ أَسْلَفْتُها مَشْهُورَهْ
٢٦٢ - فَحَيْثُمَا الْعِلْمُ بِهِ قَدْ حَصَلَا ... فَآيَةُ اجْتِمَاعِ شَرْطٍ فُصِّلَا
الشرح:
أي: فلأجل أن المتواتر خبر مَن يستحيل تواطؤهم على الكذب كان مفيدًا لسامعه عِلمًا ضروريًّا لا يحتاج إلى نظر، وقد أسلفتُ في المقدمة في تعريف "العِلم" بالمعنى الثالث أنَّ موجب الجزْم فيه إما أن يكون بحسٍّ أو عقل أو [تكرر] (¬٢)، والحس إما سمع وهو التواتر إلى غير ذلك من الأقسام المفيدة لليقين بالضرورة وهي محصورة، لكن المتواتر إنما يفيد العلم بالضرورة بشروط، وإنما علامة اجتماعها إفادته العلم.
وهو معنى قولي: (فَآيَةُ اجْتِمَاعِ شَرْطٍ فُصِّلَا) أي: جنس الشرط، وسأذكر هنا تفصيل الشروط، فالكلام يقع في ثلاثة أمور: إفادته العلم، وكونه ضروريًّا، وتفصيل الشروط.
فالأول: ذهب الجمهور إلى ذلك، وقالت السُّمَّنية: لا يفيده. وهي -بضم السين المهملة وتشديد الميم- طائفة من عبدة الأصنام يقولون بالتناسخ، وينقل ذلك أيضًا عن البراهمة
---------------
(¬١) في (ز، ت، ش، ظ، ن): لذا. وفي (ض، ص، ق): كذا.
(¬٢) كذا في (ض، ق). لكن في (ص، ظ، ت، ش): مكرر.

الصفحة 495