كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

(طائفة لا [يجيزون] (¬١) بعثة الرسل)، وعن "السُّوفسطائية" -بضم السين المهملة الأولى وبالفاء، وربما قيل: "السوفسطانية" بنون بعد الألف- قوم ينكرون الحقائق، وكان شيخنا شيخ الإسلام البلقيني يعيبُ ذِكر خلاف مثل هؤلاء في أصول الفقه كما سبق ذِكره في موضع آخَر.
نعم، إذا ذكِر لغرض معرفة شبهتهم وردِّها كي لا يغتر بها مسلم، فلا بأس.
وحمل إمام الحرمين مخالفة السمنية - أي: ومن وافقهم على عدم إفادة "المتواتر" العِلم -على معنى أنَّ العدد وإنْ كثر فلا اكتفاء به حتى ينضم إليه ما يجري مجرى القرينة.
ومن هنا أُخِذ أن الإمام يقول باستناد العِلم للقرينة، لا لمجرد الإخبار المتواتر.
وكذلك قال ابن رشد في "مختصر المستصفى": لم يقع خلاف في كون المتواتر يفيد اليقين إلا ممن لا يُؤْبَه له.
قال: (وهُم السوفسطائية، وجاحده يحتاج لعقوبة؛ فإنه كاذب بلسانه على ما في نفسه، إنما الخلاف في جهة وقوع اليقين، فقَوم رأوه بالذات وقوم رأوه بالعرض، وقوم رأوه مكتسبًا). انتهى
وحاصل قولهما أن الخلاف لفظي. قال ابن الحاجب: (إن قول المنكِر لإفادته العِلم بُهْت، فإنَّا نجد العِلم ضرورةً بالبلاد النائية والأُمم الخالية والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم والخلفاء - رضي الله عنه -بمجرد الإخبار، كما في العلم بالحس) (¬٢).
وفي المسألة قول ثالث: إنه يفيد في الخبر عن الموجود، ولا يفيد عن الماضي.
فإنْ قلتَ: هل لهذه المسألة ثمرة في الفقه؟
---------------
(¬١) في (ز، ش): يجوزون.
(¬٢) مختصر المنتهى مع بيان المختصر (١/ ٦٣٧).

الصفحة 496