كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

قلتُ: نعم إذَا فرَّعنا على أن بيع الغائب باطل، فهل يقوم مقام الرؤية خبر التواتر بضبطه حتى يصير كالمشاهَد؟
قال الروياني في "البحر": (قال بعض أصحابنا بخراسان: فيه طريقان، أحدهما: القطع بجواز البيع كالمرئي، والثاني: قولان). انتهى
الثاني: ذهب الجمهور إلى أن العلم فيه ضروري لا يتوقف على نظر، خلافًا للكعبي، وصرح إمام الحرمين في "البرهان" بموافقته، لكنه قال: (وقد كثرت المطاعن على الكعبي من أصحابه ومن عصبة الحق، والذي أراه تنزيل مذهبه عند كثرة المخبرين على النظر في ثبوت إيالة جامعة وانتفائها، فلم يَعْنِ الرجُل نظرا عقليًّا وفِكرًا [سبريًّا] (¬١) على مقدمات ونتائج، فليس ما ذكره إلا الحق) (¬٢). انتهى
وأوضح الغزالي في "المستصفى" ذلك، فقال: (إن تحقيق القول فيه أنه ضروري، بمعنى أنه لا يحتاج في حصوله إلى الشعور بتوسط واسطة مفضية إليه مع أن الواسطة حاضرة في الذهن. وليس ضروريًّا، بمعنى أنه حاصل من غير واسطة) (¬٣). انتهى
فرجع حملهما إلى قول الجمهور وأنه لا خلاف في المعنى، فالنقل عنهما أنهما يخالفان في إفادته العلم ضرورة -ليس بجيد.
نعم، نقل الشيخ أبو إسحاق عن البلخي موافقة الكعبي، وحكاه أيضًا غيره عن الدقاق وأبي الحسين. فإنْ حُمل على تأويل إمام الحرمين، ارتفع الخلاف أصلًا، وهذا هو اللائق؛ فإن حصول العلم فيه بالضرورة أمرٌ مشاهَد.
---------------
(¬١) كذا في (ز). لكن في (ش): مرتبا. وفي سائر النُّسخ: سريا.
(¬٢) البرهان (١/ ٣٧٦).
(¬٣) المستصفي (١/ ١٠٦).

الصفحة 497