كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

وأما في أوائل غير براءة من السُّوَر فقطع الشافعي قوله بأنها آية من أول الفاتحة، واختلف قوله فيما سواها، ففي قول: إنها آية من أول كل سورة. وفي قولٍ: بعض آية. وفي قولٍ: لا آية ولا بعض آية. وعُزي للأئمة الثلاثة، بل لا يثبتها أحدٌ منهم في أول سورة. وفي قول رابع: إنها آية مقروءة للفصل بين السور. وهو غريب لم ينقله أحد من الأصحاب عن الشافعي، ولكنه في "الطارقيات" لابن خالويه عن الربيع، قال: سمعت الشافعي يقول: أولُ الحمد "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، وأول البقرة {الم}.
قال ابن الصلاح: وله حُسْنٌ، وهو أنها لَمَّا ثبتت أولًا في سورة الفاتحة، كانت في باقي السور إعادةً لها وتكرارًا، فلا تكون من تلك السورة ضرورة؛ ولذلك لا يقال: هي آية مِن أول كل سورة، بل هي آية في أول كل سورة.
قال بعض المتأخرين: وهذا أحسن الأقوال، وبه تنجمع الأدلة، فإن إثباتها في المصحف بين السُّوَر من سواده، وأجمع الصحابة - صلى الله عليه وسلم - أن لا يُكتب في المصحف ما ليس بِقُرآن، وأن ما بين دفتَي المصحف كلام الله، فإن في ذلك دليلًا واضحًا على ثبوتها.
قال القاضي حسين والغزالي والنووي وغيرهم: هو من أحسن الأدلة، ولم يَقُم دليل على كونها آية من أول كل سورة.
وكذلك ذهب أبو بكر الرازي من الحنفية إلى أنها آية مفردة أُنزلت للفصل بين السوَر. حكاه عنه ابن السمعاني في "الاصطلام".
وحكى المتولى من أصحابنا [وجهًا] (¬١): أنه إنْ كان الحرف الأخير من السورة قبله ياء ممدودة كالبقرة، فالبسملة آية كاملة منها، وإن لم يكن كذلك كما في {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: ١]، فبعض آية.
---------------
(¬١) في (ز): طريقةً.

الصفحة 504