كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

ومما استُدل به على أنها من الفاتحة - غير ما سبق من تَضَمُّن مصاحف الصحابة فمن بعدهم لها بل وفي سائر السور غير براءة - ما صح عن أُم سلمة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ البسملة في أول الفاتحة، وعَدَّها آية" (¬١). وعن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: ٨٧] قال: هي فاتحة الكتاب. قيل: فأين السابعة؟ قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬٢). أخرجهما ابن خزيمة في "الصحيح" وغيره.
وعن ابن عباس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" (¬٣). رواه أبو داود، والحاكم وقال: على شرط الشيخين. وعن علي وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم أن الفاتحة هي السَّبع المثاني وهي سبع آيات، والبسملة السابعة. وفي بعض الروايات عن أبي هريرة ذلك مرفوعًا. رواه البيهقي والدارقطني، والروايات في ذلك كثيرة.
ونحن لا ندَّعِي في ذلك أنه تواتر، بل إما أن نقول: أفاد القطع بانضمام القرائن إليه؛ فإنَّ خبر الآحاد إذا احتفت به القرائن الموجِبة للقطع، أفاد القَطْع.
أو نقول: إنه وإن لم يتواتر عندنا فقد تواتر عند مَن نُقلده، وهو الإمام الشافعي - رضي الله عنه -، ورُب تواتر يكون في زمن دُون آخَر، ولشخص دون آخر، وإثباته ذلك قرآنا والقرآنُ لا يَثْبت إلا بالتواتر - يدل على تواترها عنده.
أو نقول: إنها ليست من القرآن القطعي، بل من الحكمي، وهو أصح الوجهين الذين
---------------
(¬١) صحيح ابن خزيمة (٤٩٣)، مستدرك الحاكم (٨٤٨)، السنن الكبرى للبيهقي (رقم: ٢٢١٤).
(¬٢) السنن الكبرى للبيهقي (رقم: ٢٢١٦)، مستدرك الحاكم (٢٠٢٤) وغيرهما.
(¬٣) سنن أبي داود (رقم: ٧٨٨)، السنن الكبرى للبيهقي (٢٢٠٦). قال الألباني: صحيح. (صحيح سنن أبي داود: ٧٨٨).

الصفحة 505