كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

والخلاف في تواتُر السبعة حكاه السرخسي من أصحابنا في كتاب الصوم من "الغاية"، فقال: (القراءات السبع متواترة عند الأئمة الأربعة وجميع أهل السُّنة، خلافًا للمعتزلة، فإنها آحاد عندهم). انتهى.
وممن ادَّعَى أنها آحاد أيضًا الأبياري شارح "البرهان"، قال: وأسانيدهم تشهد بذلك.
ونازع بهذا قول الإمام في "البرهان": إنها متواترة.
وقال صاحب "البديع" من الحنفية: إنها مشهورة، لا متواترة.
وفي "مختصر الروضة" للطوفي من الحنابلة: (إنها متواترة، خِلافًا لبعضهم) (¬١).
فقَوْل ابن الحاجب: (لنا: لو لم تكن متواترة لكان بعض القرآن غير متواتر، كَـ"ملك" و"مالك" ونحوهما) (¬٢) إلى آخِره -[نصبٌ للدليل] (¬٣) مع مخالف، خلافًا لقول بعض الشراح: إنه دليل لا على مخالف؛ لأنَّ كوْن تواتُر السبعة لا خِلاف فيه - ممنوعٌ؛ لِما بيَّناه.
وما أشار إليه شارح "البرهان" وتبعَه جمع عليه مِن أنَّ "أسانيدهم مَن تتبعها يجدها آحادًا، فيكون التواتر إنما هو مِنَّا إليهم فقط" ممنوعٌ؛ فإنها تواترت لهم وشاركهم مَن بلغ معهم حد التواتر، ولكن اشتهرت عنهم، [فلا يكون] (¬٤) كل منهم منفردًا، وأسانيد القراءات تدل على ذلك.
ثم - على تقدير تسليم ما قالوه - القطعُ حاصل من حيث تَلَقِّي الأُمة لها بالقبول وتوارُد السلف والخلَف على القطعْ بها كما قال ابن الصلاح في أحاديث الصحيحين، وسيأتي بيانه
---------------
(¬١) شرخ مختصر الروضة (٢/ ٢١).
(¬٢) مختصر المنتهى مع شرحه (١/ ٤٦٢).
(¬٣) كذا في (ز، ش). وفي سائر النُّسخ: نصبَ الدليل.
(¬٤) كذا في (ش). لكن في (ظ، ت): لا يكون. وفي سائرها: لا بِكون.

الصفحة 509