كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

وما قيل فيه من النظر.
وما أحسنَ قول الإمام كمال الدين ابن الزملكاني: انحصار الأسانيد في طائفة لا يمنع مجيء القراءات عن غيرهم؛ فقد كان يتلقاه من أهل كل بلد بقراءة إمامهم الجمُّ الغفير عن مثلهم، وكذلك دائماً. فالتواتر حاصل لهم، ولكن الأئمة الذين قصدوا ضبط الحروف وحفظوا شيوخهم [فيها] (¬١) جاء السند من جهتهم، وهذا كالأخبار الواردة في حجة الوداع، هي آحاد ولم تزل حجة الوداع منقولة عمن يحصُل بهم التواتُر عن مثلهم في كل عصر. فينبغي أن يتفطن لذلك وأنْ لا يُغتر بقول القراء فيه.
وأشرتُ إلى ذلك في النَّظم بقولي: (لأَنَّهُ مِنْهُ بِقَطْعٍ سَائِرِ). أي: لأن ما قرأه السبعة من [القراءات] (¬٢) كما هو مقطوع به في كل عصر ومصر فهو سائر في الأعصار والأمصار.
وقولي: (لَا الِاخْتِلَافُ) إلى آخِره - بيانٌ لِأنَّ ما أَطْلقه الجمهور مِن تواتُر السبعة ليس على إطلاقهم، بل يُستثنى منه - كما قال ابن الحاجب - ما كان من قبيل الأداء، كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة ونحوه. ومراده بالتمثيل بِـ"المد والإمالة" مقادير المد وكيفية الإمالة، لا أصل المد والإمالة؛ فإنه متواتر قطعًا.
فالمقادير كَمَدِّ حمزة وورش بقَدْر ست ألِفات، وقيل: خَمس. وقيل: أربع. ورجحوه، وعاصم بقدر ثلاث، والكسائي بقدر ألِفين ونصف، وقالون بقدر ألِفين، والسُّوسي بقدر ألِف ونصف، ونحو ذلك. وكذلك الإمالة تنقسم إلى:
- محضة، وهي أن ينحى بالألِف إلى الياء، وبالفتحة إلى الكسرة.
- وبَيْن بَيْن، وهي كذلك إلا أنها تكون إلى الألف أو الفتحة أقرب، وهي المختارة عند
---------------
(¬١) في (ش): منها.
(¬٢) كذا في (ص)، لكن في (ت، ز، ق): القرآن.

الصفحة 510