كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

قال: (وأصلُ ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُنزل القرآن على سبعة أحرف" (¬١). فظن قومٌ أنها سبع قراءات، وهو باطل) (¬٢). انتهى
قلتُ: قد يُمنع ما قاله بأن كوْنها سبعة إنما هو بحسب الواقع اتفاقًا، لا للحديث. والحديث في الصحيحين من حديث ابن عباس وأُبي بن كعب وعمر - رضي الله عنهم -.
قال أبو حاتم بن حبان: (اختُلف في المراد بذلك على خمسة وثلاثين قولًا، وقد وقفتُ منها على كثير). انتهى
ورجح القرطبي قول الطحاوي: إن المراد به أنه وُسع عليهم في مبدأ الأمر أن يُعبِّروا عن المعنى الواحد بما يدل عليه لُغة إلى سبعة ألفاظ؛ لأنهم كانوا أُميين لا يَكتب إلا القليل منهم، فشقَّ على أهل كل ذي لُغة أن يتحول إلى غيرها، فلمَّا كثر مَن يَكتب وعادت لُغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتفع ذلك، فلا ويُقرأ إلا باللفظ الذي نزل.
ثم نقل ذلك عن ابن عبد البر وعن القاضي أبي بكر، ومن ذلك أن أُبي بن كعب كان يقرأ {لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا} [الحديد: ١٣]: "للذين آمنوا امهلونا"، "للذين آمنوا أخرونا".
وممن اختار هذا القول أيضًا ابن العربي. وإنْ كان في قوله: "أُنزل على سبعة أَحْرُف" ما قد ينافي إرادة السماحة في لُغات، فإنه ما نزل إلا بواحدة، والتوسيع ليس من المنزل، [بل] (¬٣) في حُكمه، إلا أن يُؤوَّل ["أنزل القرآن" أي] (¬٤): أنزل أنْ يُقرأ على سبعة أحرف.
واعْلم أن ممن نُقل عنه أن المراد به القراءات السبع الخليل بن أحمد، وهو أضعف
---------------
(¬١) صحيح البخاري (رقم: ٤٧٥٤)، صحيح مسلم (رقم: ٨١٨).
(¬٢) العواصم من القواصم (ص ٣٦٠)، الناشر: دار التراث - مصر.
(¬٣) من (ز).
(¬٤) من (ش).

الصفحة 514