كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

"متتابعات") (¬١). أخرجه الدارقطني وقال: "إسناده صحيح"، أو لغير ذلك.
ويخرج من كلام الماوردي قول ثالث بالتفصيل في المسألة، فقد قال في موضع من "الحاوي": إنْ أضافها القارئ إلى التنزيل أو إلى سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أُجريت مجرى خبر الواحد، وإلا فهي جارية مجرى التأويل.
وبذلك صرح الباجي في "المنتقى"، فقال: فيها ثلاثة أقوال، ثالثها: التفصيل بين أن يُسْند أوْ لا.
نعم، في شرح "مسلم" للقرطبي محل الخلاف إذا لم يُصرح الراوي بسماعها.
ويخرج من كلام بعض الحنفية مذهب رابع، فقال أبو زيد في كتاب "الأسرار": إنه يُعمل بالقراءة الشاذة إذا اشتهرت.
وكذا قال صاحب "المبسوط"، قال: ولهذا لم يعملوا بقراءة أُبي بن كعب: "فعدة من أيام أخر متتابعة"؛ لأنها قراءة شاذة غيْر مشهورة، ومثلها لا يُثبت الزيادة على النَّص، بخلاف قراءة ابن مسعود: "ثلاثة أيام متتابعات"، فقد كانت مشهورة في زمن أبي حنيفة.
وكذا قال أبو بكر الرازي: (إنهم إنما عملوا بها لاستفاضتها وشهرتها في ذلك العصر وإنْ كانت إنما نُقلت إلينا بطريق الآحاد) (¬٢).
وقولي: (نَعَمْ، يَكُونُ حُجَّةً إنْ ثَبَتَا) أي: إن ثبت ذلك المروي من القراءات شذوذًا بالسند الصحيح، لا إذا لم يثبت عن المنقول ذلك عنه، أو ثبت لكن لا على أنه قراءة، والله أعلم.
---------------
(¬١) سنن الدارقطني (٢/ ١٩٢)، وقال الإمام الدارقطني: (هذا إسناد صحيح).
(¬٢) الفصول في الأصول (١/ ١٩٩).

الصفحة 516