كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

- وحمل ابن تيمية قوله ذلك على إجماع غير الصحابة؛ لانتشارهم، أما الصحابة فمعروفون محصورون.
ونقل ابن الحاجب أنَّ المانع احتج بأن نقْله مستحيل عادةً؛ لأن الآحاد لا يفيد العِلم بوقوعه، وهو قطعي لا بُدَّ له من سندٍ قطعي، والتواتر بعيد.
وأجاب عن ذلك بالوقوع؛ فإنَّا قاطعون [بتواتر النقل] (¬١) عن إجماع الأُمة على تقديم النَّص القاطع على الظن.
ولم يتعرض لِرد أن الآحاد لا يفيد، ولكنه مردودٌ بأنَّ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفِعله أقوى منه، ومع ذلك يثبت بالآحاد ويجب العمل به.
قال الماوردي: وليس آكد من سُنن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهي تثبت بقول الواحد.
وجرى على هذا أيضًا إمام الحرمين والآمدي وإنْ نقل عن الجمهور اشتراط نقله بالتواتر.
ومنهم مَن فرَّع المنع على كون الإجماع حُجة قطعية، ونقل ذلك عن الجمهور. وقال القاضي في "التقريب": إنه الصحيح.
ولكن لا يلزم؛ فإنه وإنْ كان قطعيًّا في نفسه لكن طريق وصوله قد تكون ظنية؛ بدليل السُّنة كما قررناه.
وذهب جَمعٌ من الفقهاء إلى ثبوته بالآحاد بالنسبة إلى العمل خاصة، لكن لا يرفع به قاطع، ولا يعارضه.
---------------
(¬١) في (ز): بنقل التواتر.

الصفحة 520