كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

العمل عند سماعه بدليل آخَر وهي الأدلة القطعية على وجوب العمل عند رواية الآحاد. فالتحقيق - وهو قول المحققين - أنه يوجِب العمل عنده، لا بِه) (¬١).
قال: وهكذا القول في العمل بالقياس.
القول الثاني: إنَّ العمل بالآحاد لا يجب وإنْ كان جائزًا عقلًا، ونُقل ذلك عن ابن داود والرافضة، ونقله ابن الحاجب عن [القاساني] (¬٢)، لكن سيأتي أنه ممن يقول بمنعه عقلًا، فلا ينبغي أن ينقل عنه هذا المذهب.
واحتجوا لهذا القول بنحو قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]، وقوله تعالى: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [الأنعام: ١١٦].
وأجيب بأنه محمول على ما يجب فيه العمل باليقين، كالاعتقادات كما سيأتي بيانه.
القول الثالث: إنه لا يجوز العمل به؛ لعدم الدليل على حجيته.
الرابع: إن العمل به غير جائز عقلًا. وهو قول جمهور القدرية وطائفة من الظاهرية كالقاساني وغيره، ونقله ابن الحاجب عن الجبَّائي، لكن الصحيح في النقل عنه تفصيل يأتي ذِكره.
قالوا: لأنه يؤدي إلى تحريم الحلال وتحليل الحرام إذا رُوي كل منهما في محل واحد بالآحاد وكان أحدهما راجحًا. فإن لم يكن ترجيح، أدَّى إلى الجمع بين النقيضين أو الترجيح بلا مرجِّح.
ورُدَّ: بأنَّا إنْ قُلنا: (المصيب من المجتهدين واحد)، فإن كان الراجح هو الحقّ في نفس الأمر فواضح, وإن كان غيره فلَم يُكلَّف إلا بما غلب على ظنه وإن كان خطأ في نفس الأمر،
---------------
(¬١) البرهان (١/ ٣٨٨).
(¬٢) في (ز، ظ، ش): القاشاني.

الصفحة 530