يحسُن السكوت عليه، وجرى عليه الجزولي وابن معطي والحريري وغيرهم.
السادس: يؤخذ من الاقتصار على قول الإفادة أيضًا أنه لا يشترط أن يكون مقصودًا، وعبارة "التسهيل" تُوهم اشتراطه، إذ قال: (والكلام ما تضمَّن مِن الكلم إسنادًا مفيدًا مقصودًا لذاته) (¬١). وقال المصنف في شرحه: (إنه احترز بِ "القصد" عن نحو كلام النائم والساهي وبعض الطيور، وإنه احترز بِ "ذاته" عن الجمل الموصول بها، فإن جملة الصلة مقصودة للتتميم لا لذاتها) (¬٢).
ولكن يُقرَّر كلامه بأنه إنما شرط ذلك في الإسناد، لا في اللفظ المتضمن له؛ لأن الإسناد وإن كان مفيدًا فقد يقع لا بالقصد أو بالقصد لكن لا لذاته، وأما اللفظ فإنما يكون مفيدًا إذا تضمن الإسناد المقيَّد بهذه القيود، وإلا فتنتفي عنه الإفادة أصلًا.
والحاصل أن مَن قيَّد اللفظ بالإفادة لم يحتج إلى قصده لذاته، ومَن قيد [به الإسناد] (¬٣) الذي تضمنه اللفظ فهو محتاج للتقييد المذكور.
نعم، قد يُدَّعَى أن التصريح بالإسناد يُغْني عن التقييد المذكور؛ لأن غير القاصد لا يقال: إنه أَسْنَد. ومما يوضح ذلك أن المفيد في الحقيقة إنما هو المتكلِّم، وإسناد الإفادة لغيره إنما هو مجاز؛ لكونه مِن إسناد الشيء إلى متعلَّقه، وهو آلتُه هنا.
وما قررتُ به كلام "التسهيل" أَجْوَد مِن تأويله بالحمل على مطلق الفائدة لا الفائدة المصطلح عليها وحمل كلامه في "الكافية" و"الخلاصة" على الفائدة المصطلح عليها. أو أنه في "التسهيل" أراد أن ينص بالصريح على ما يُفْهَم مِن "مفيد" بطريق الالتزام.
---------------
(¬١) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد (ص ٣)، الناشر: دار الكاتب العربي، تحقيق: محمد بركات.
(¬٢) شرح تسهيل الفوائد (ص ٥، ٨).
(¬٣) كذا في (ز، ت، ق)، لكن في (ص): بالإسناد.