كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

خامسها: ما يفهم من حال الشيء، ويُذكر مِن شواهده قوله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ١١] على أحد التفسيرين، والآخَر أنه نُطْقٌ حقيقةً، ونحو قول الشاعر:
امتلأ الحوضُ وقال قطني ... مهلًا رويدًا قد ملأتُ بطني
كما استدل على الرمز بقوله:
أشارت بطرف العين خِيفةَ أهلها ... إشارةَ مذعورٍ ولم تتكلم
فأَيقنتُ أن الطرفَ قد قال مرحبا ... وأهلًا وسهلًا بالحبيب المتيَّم
ولكن ليس في هذا كله لفظ الكلام، بل القول، وإنما ينبغي أن يستشهد في الرمز بقوله:
أرادت كلامًا فاتَّقَتْ من رَقِيبها فلم [يك] (¬١) إلا [رمزها] (¬٢) بالحواجب
أقامه مقام الكلام اللفظي، على ما فيه من نظر.
وفي حديث النفس بقوله:
لو كنتَ قد أوتيتَ عِلم الحُكْل ... عِلمَ سليمان كلام النمل
قال الجوهري: (الحُكْل -بضم الحاء وسكون الكاف- ما لا يُسمع له صوت) (¬٣).
فَعَلَى هذا يكون المراد ما يُفهم مِن أحوال النمل وما في نفسها.
نعم، إنْ جُعل كلامها نطقًا حقيقيًّا لا يسمعه إلا سليمان معجزةً له، فلا شاهد فيه حينئذٍ.
---------------
(¬١) في (ز، ظ): يكن.
(¬٢) كذا في (ص، ق). لكن في سائر النُّسخ: ومؤها.
(¬٣) الصحاح (٤/ ١٦٧٢).

الصفحة 908