كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

ص:
٤٢٨ - وَالْخُلْفُ فِيهِ قِيلَ: في النَّفْسَانِي ... حَقِيقَةٌ، وَقِيلَ: وَاللِّسَانِي
٤٢٩ - مُشْتَرَكًا، وَحُكِيَ الْقَوْلَانِ ... عَنِ الْإمَامِ الْأَشْعَرِيْ، وَالثَّانِي
٤٣٠ - مَحَلُّ بَحْثِ الْفَنِّ أَوْ كَنَحْوِ: ... تَفْسِيرٍ، اوْ بَيَانٍ، اوْ كَالنَّحْو
الشرح:
قد سبق أن "الكلام" قِسم مِن المركَّب القولي، لكن قد يقوم معناه بنفس المتكلم مِن غير تَلفُّظ، ويسمى هذا "الكلام النفساني"، وهو في المخلوق: الفِكر الذي يُزَوِّرُه الإنسان في نفْسه قبل أن يُعَبر عنه باللسان، كما قال الأخطل:
إن الكلام لَفِي الفؤاد، وإنما ... جُعلَ اللسانُ على الفؤاد دليلا
وعبَّر عنه ابن مالك بِ "المعنوي"، قال: وهو الذي أشار إليه عمر - رضي الله عنه - بقوله: "وكنت زَوَّرْتُ مقالةً أعجبتني أردتُ أن أقدمها بين يدي أبي بكر" (¬١).
ومن ذلك قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} [المجادلة: ٨]، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١]، ومن المعلوم أن قولهم: (إنه رسول الله) حقٌّ وأن التكذيب إنما هو لعدم مواطأة لسانهم ما أَسَرُّوه في أنفسهم؛ ولهذا قال تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الملك: ١٣]، إلى غير ذلك مما لا سبيل إلى إنكاره.
وأما في الخالق عز وجل فالمراد به صفة قائمة بذاته تعالى ليست بحرف ولا صوت ولا
---------------
(¬١) صحيح البخاري (رقم: ٦٤٤٢).

الصفحة 910