كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

المخلوقين، فليس بحرف ولا صوت؛ لأنَّ الكلام صفة، ومن شأن الصفة أن تتبع الموصوف، فإذا كان الموصوف لا يشبهه شيء، فكذلك صفاته، وإنما غلط الخصوم في إلحاقهم الغائب بالشاهد).
قال: (فحصل أن كلام الخلق ينقسم إلى نفسي ولفظي، بخلاف القديم، كما تقول: عِلم المخلوق ينقسم إلى ضروري وكَسْبي، بخلاف القديم. فكما أن عِلمنا لا يُشبه عِلمه كذلك كلامنا لا يُشبه كلامه وإنْ كان للكلام في الجملة حد جامع وهو الصفة التي يستحق مَن قامت به أن يشتق منها اسم "المتكلِّم"، لكن يختلفان في التفصيل).
قال: (ومن أصحابنا مَن قال: كلام الخلق في الحقيقة هو ما في النفس، وما يوجد بالنطق يسمَّى "كلامًا" مجازًا).
قال: (والأول أصح؛ لِمَا قُلناه، ولأنه أحسم [للتشعث]) (¬١). انتهى
وعلى هذين القولين اقتصرتُ في النَّظم؛ لأنهما الراجحان والمنقولان عن الأشعري، ولا يكاد يرجح أحدهما على الآخر.
وأما القول الثالث وهو قول المعتزلة: (إنه حقيقة في اللساني) فقول ضعيف لم يشتهر عن أحدٍ مِن أئمة أهل السُّنة موافقةٌ عليه.
نعم، نُقل عن الأشعري أيضًا، لكنه بعيد عن قواعده؛ فلذلك لم أَتعَرَّض في النَّظم له.
وهذه المسألة أصل عظيم مِن أصول الدين حتى قيل: إنه إنما سُمي عِلم الكلام لأجلها؛ لأنها أعظم مسألة فيه. وقيل: لغير ذلك.
وقولي: (مُشْتَرَكًا) نصب على الحال.
---------------
(¬١) في (ش): للتشغب.

الصفحة 912