وقولي: (عَنِ الْإمَامِ الْأَشْعَرِيْ) إشارة إلى أنه إمامنا وقدوتنا، نلقَى الله عز وجل باتِّباعه في معتقداته، وهو الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، إمام المتكلمين وناصر السُّنة، مولده سَنة ستين ومائتين، ووفاته سَنة أربع وعشرين وثلاثمائة ببغداد.
تنبيه:
مِن فوائد الخلاف في هذه المسألة المذكورة في الفقه أن المصلِّي إذا نظر في مكتوب وهو في الصلاة وقرأه في قلبه مِن غير تلفُّظ، لم تبطل، وقيل: تبطل إنْ طال. حكاه ابن كج.
ومنها: لو قرأ الجنُب أو الحائض القرآن في نفسه ولم يتلفظ، لا يكون حرامًا؛ لأنَّ المدار في الأمرين على اللفظ باللسان ولم يوجد، بخلاف ما إذا دار الحكم على الأعم كالغيبة بالقلب من غير تلفُّظ فإنه حرام كما صرح به الغزالي في "الإحياء" وتبعه النووي في "الأذكار"؛ لأن "الغيبة" ذِكر الشخص بما يكرهه، فلا فرق بين اللسان والجنَان.
ومنها: في قوله - صلى الله عليه وسلم - في الصائم: "فإنِ امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم" (¬١) هل يقول بقلبه أو بلسانه؟ وجهان:
نقل الرافعي عن الأئمة الأول، ورجح النووي في "الأذكار" و"لغات التنبيه" الثاني، وفي "شرح المهذب": (إنه الأقوى، فإنْ جَمع بينهما فَحَسَن) (¬٢).
واستحسن الروياني وَجْه التفصيل بين النفل (فيقوله بقلبه) والفرض (فبلسانه).
---------------
(¬١) صحيح البخاري (رقم: ١٧٩٥)، صحيح مسلم (رقم: ١١٥١) واللفظ لمسلم.
(¬٢) المجموع شرح المهذب (٦/ ٣٩٨) الناشر: مكتبة الإرشاد - جدة.