ومنها: حلف لا يتكلم، فتكلم في نفسه. قال الخوارزمي في "الكافي": يحتمل وجهين، أحدهما: لا يحنث، ويحمل على الكلام المتعارف بين الناس.
قال: والأصح أنه يحنث؛ لأنه كلامٌ حقيقة.
ومنها: لو تكلم بطلاقها في قلْبه من غير تلفُّظ، لا يقع عليه طلاق. وكذا العتق ونحوه، وكذا العقود والفسوخ والاستثناء في الطلاق ونحوه بالقلب، وكأنَ ذلك كله لحديث: "إنَّ الله تجاوز لأمتي ما حدَّثت به أنفُسها ما لم تتكلم أو تعمل" (¬١).
نعم، لو حرَّك لسانه بالطلاق ولم يرفع صوته بحيث يسمع السميع لكن يُدرك من التحريك أنه نطق به، يقع الطلاق على أحد الوجهين، والثاني: لا؛ لأن المدار فيه على التصويت، فكما لم يجعل مِثله قراءة لم يجعل كلامًا.
وفي النذر بالقلب وجهان، أصحهما عدم الصحة.
وقولي: (وَالثَّانِي مَحَلُّ بَحْثِ الْفَنِّ) أي: إن "الكلام" وإن كان يُطلق على النفساني -على الخلاف السابق- فإنما محل كلام أهل فن أصول الفقه في اللساني؛ لأنه الذي يُستدل به في الأحكام ويُتكلم على الأقسام الموصلة إلى فَهْمه، وكذلك هو أيضًا محل كلام المفسرين وأهل عِلم المعاني والبيان والنحو ونحو ذلك من تصريف وعَروض وغيرهما كما سبق بيانه في تعريف القرآن أول الباب الأول، والله تعالى أعلم.
---------------
(¬١) سبق تخريجه.