الطلب، بل قسيمه؛ لأن المطلوب مستدعَى الحصول في المستقبل، والإنشاء مدلوله يحصل في الحال، ولفظ الإنشاء سبب لوجود معناه، ولفظ الطلب ليس سببًا لوجود معناه.
وإنْ أُريدَ بالإنشاء إحداث شيء لم يكن فالكل إنشاء؛ لأن الخبر إحداث الإخبار به، ولا قائل بذلك.
ومنه مَن يقسمه إلى: خبر، وطلب كما قال ابن مالك في "كافيته":
قولٌ مفيدٌ طلبًا أو خبرا ... هو الكلام، كاستمع وسترى
وكأنه رأَى أن الإنشاء فرع عن الخبر كما سيأتي بيانه، فيكتفي بذكر الخبر أو غير ذلك، وقد بسطتُ المسألة بسطًا شافيًا في "شرح الصدور بشرح زوائد الشذور" لابن هشام في النحو، فليطلَب منه؛ فإنه مهم.
وقد جريتُ في هذا النَّظم على تقسيمه إلى ثلاثة أقسام؛ لأنه أرجح الطرق وأوضحها.
فبدأتُ بذكر الطلب بقولي: (فَمَا بِذَاتِهِ يُفِيدُ الطَّلَبَا)، والتقييد بلفظ "بذاته" للاحتراز عما يفيده باللازم أو بالقرينة.
نحو: (أنا أطلب منك أن تخبرني بكذا)، أو: (أن تسقيني ماء)، أو: (أن تترك الأذى) أو نحو ذلك، فإنَّ هذا وإنْ كان دالّا على الطلب لكن لا بذاته، بل هذه إخبارات لازِمُها الطلب، ولا يُسمَّى الأول استفهامًا ولا الثاني أمرًا ولا الثالث نهيًا لذلك.
وكذا نحو قوله: (أنا عطشان)، كأنه قال: (فاسْقني)، فإن هذا طلبٌ بالقرينة، لا بذاته.
وربما عُبِّر عن هذا القيد بكونه بالوضع، وربما عُبِّر بما يُفيده إفادةً أوليَّة، والكل صحيح.
وقولي: (فَـ "أَمْرٌ" اوْ "نَهْيٌ") إلى آخِره -إشارة لانقسام الطلب لأمر ونهي واستفهام؛ لأنه إنْ طلب به تحصيل فِعل فأمر، أو ترك فنهيٌ.
وربما قُيدا بكونهما مِن الأعلى لِمَن دُونه، فإنْ كان بالعكس فدعاء، وإنْ كان مِن مساوٍ