فالتماس.
هذا في الاصطلاح، وأما في اللغة فلا فرق، وستأتي المسألة في باب الأوامر والنواهي وأن الاستعلاء أيضًا لا يُعتبر.
وإنْ كان الطلب للإعلام بشيء لا لتحصيل فِعل ولا ترك فهو استفهام (استفعال مِن "الفَهْم")، فَ "السين" للطلب.
وما أحسن ما عبَّر عن ذلك البيانيون، فقالوا في "الأمر" و"النهي": إنهما طلب ما هو حاصل في الذهن أن يحصل في الخارج، وفي "الاستفهام" بالعكس، أي: طلب ما في الخارج أن يحصل في الذهن.
وقولي: (وَشِبْهُ ذَا "التَّنْبِيهُ") إلى آخِره -إشارة إلى قسم آخَر غير الثلاثة المذكورة، وهو المسمى بِـ "التنبيه"، وتحته أقسام:
العَرْض، نحو: ألا تنزل عندنا.
والتحضيض، نحو: هلا تنزل. وهو أشد وأَبْلَغ من العرض.
والتمني، نحو: ليت لي مالًا فأُنفِقه.
والرجاء، نحو: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} [المائدة: ٥٢].
والفرق بينه وبين التمني أن الترجي في الممكن، وأما التمني فيكون في المستحيل، واستُغني بذكر الترجي عن الإشفاق وهو ما يكون في المكروه.
وربما تُوُسِّع بإطلاق الترجي على الأعم، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة: ٢١٦].
وهذا القِسم ليس طلبًا صريحًا، بل إيماء إلى الطلب؛ فلذلك عبَّرتُ عنه بقولي: (وَشِبْهُ ذَا)، أي: شبه الطلب الصريح، فليست الإشارة إلى الاستفهام، بل لمطلق الطلب.