كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

ولكونه ليس طلبًا بالوضع جعله قومٌ -كالبيضاوي- قَسِيمًا له، حيث قال: إن الكلام إما أن يفيد طلبًا بالوضع وهو الأمر والنهي والاستفهام، أوْ لا، فما لا يحتمل الصدق والكذب تنبيهٌ وإنشاء، ومحتملهما الخبر.
وكذا عبَّر به في "جمع الجوامع"، ولكنه لا يُعرف منه ما يتميز به "التنبيه" من "الإنشاء"، ولا كَوْنه فيه طلبٌ ما، على أنَّ البيانيين يُطْلقون عليه اسم الطلب، فيجعلون الطلب أمرًا ونهيًا واستفهامًا وتنبيهًا.
وقولي: (وَمَا بِلَفْظِهِ حَصَلْ وُجُودٌ "الْإنْشَاءَ") إشارة إلى ما سبق في تعريف الإنشاء بأنه الذي يحصل معناه بوجود لفظه، فـ "الْإنْشَاءَ" منصوب بالفعل الذي بعده وهو "سَمِّ".

تنبيهات
الأول: ادَّعى القرافي في "الفروق" الإجماع على أن "الأمر والنهي والقَسَم والترجي والنداء" مِن أقسام الإنشاء، وهو جارٍ على ما قرره مِن تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء، وجرى عليه البيانيون في جعلهم الإنشاء أَعَم مِن الطلب.
أما على الطريقة الراجحة في جعله ثلاثة أقسام فلا يتأتى ذلك؛ ولهذا جعل الإمام الرازي وأتباعه الطلب غير الإنشاء.
نعم، جَعْلُه القَسَم والنداء من الإنشاء قطعًا ظاهر؛ لأن القَسَم جملة إنشائية يؤكَّد بها جملة خبرية ولو كانت صيغتها "أقْسم" ونحوه من المضارع، إذْ لو قلنا: (إنها خبرٌ)، لكان وَعْدًا بالقَسم، لا قَسَمًا.
وأما النداء فدائر بين:
- كَوْنه طلبًا؛ ولهذا يُقال في المنادَى: هو المطلوب إقباله بـ "يا" ونحوها.

الصفحة 918