- وكونه تنبيهًا؛ لأن "يا" فيه لتنبيه السامع؛ ولهذا يذكر غالبًا للإقبال بالقلب والخاطر لسماع كلام المتكلم وتَلَقِّي ما يريده.
- وكونه إنشاءً؛ لأنَّ "يا" في نحو: "يا زيد" نائبةٌ منابَ "أدعو" ونحو ذلك، وهذه الصيغة المقصود بها إنشاءٌ لا إخبار.
وقد يُدفع بذلك تعقُّب الإمام الرازي في تفسيره (¬١) -في سورة البقرة- وغيْره بأنَّ "يا" إنشاء و"أدعُو" خبر، فكيف يُقدر ذلك؟ وبأمور أخرى كلها ترجع إلى هذا التشكيك الذي قد علمتَ جوابه بادِّعاء أن "أدعو" أو "أنادي" إنشاء، لا خبر.
وكذا ما أَوْرَدَه على [مذهب] (¬٢) سيبويه حيث قَدَّر في "يا زيد": (يا أنادي زيدًا) مِن أنَّ "أنادي" خبر عن النداء، والخبر عن الشيء غَيْرُه، أي: و"يا زيد" نداء قطعًا، فلا يكون تقديره "أنادي زيدًا".
وجوابه ما سبق: أن "أنادي" إنشاء، فيكون "يا" للتنبيه، و"أنادي" بعدها لإنشاء النداء وهو تنبيه أيضًا، لكن الأول تنبيه عام والثاني تنبيه خاص.
نعم، وقع خلاف في بعض المنادَى أنه خبر، لا إنشاء، فقال ابن بابشاذ في نحو: "يا زانية" أو "يا فاسقة": إنه خبر؛ لأنه مما يدخله الصدق والكذب.
وغَلَّطوه؛ إذْ لا فرق بين نداء الاسم ونداء الصفة، واحتمال الكذب إنما هو مِن جهة الوصف، لا مِن جهة النداء بالوصف، وهما غَيْران.
وفي "الغُرَّة" لابن الدَهَّان قريب مِن مقالته، فإنه قال: (إذا ناديتَ وصفًا فالجملة خبرية، أو اسمًا فالجملة غير خبرية؛ ولهذا لو قال: "يا زانية" وَجَبَ الحد). انتهى
---------------
(¬١) التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) (٢/ ٧٦).
(¬٢) ليس في (ز، ق).