كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

وهذا التعريف يرجع [إلى] (¬١) قول مَن عَرَّفه بما يحتمل الصدق والكذب أو بما يحتمل التصديق والتكذيب، فإن ذلك متضمن لكونه له خارج، فهو [الفصل] (¬٢) المُخْرج للطلب والإنشاء، لا أن نفس كونه محتملًا هو المُخْرِج لهما خلافًا لمن تَوهَّم ذلك حتى توَجَّه -بمقتضى ذلك- على التعريف أسئلة تحتاج إلى جواب:
منها: على مَن قال: (ما يحتمل التصديق والتكذيب) أنهما نوعان للخبر، والنوع إنما يعرف بعد معرفة الجنس، فإذا عُرِّف به الجنس، لَزِمَ الدَّور.
وجوابه: ما قررناه أن القيد المخرج إنما هو تضمن التصديق والتكذيب كون الكلام له خارج، وأيضًا التصديق أو التكذيب اعتقاد كوْن الخبر صدقًا أو كذبًا، لا الإخبار بذلك، ولو سُلِّم أن المراد الإخبار به فتوقف الخبر عليهما توقُّف على وجود أحدهما لا على تَصوُّره، فاختلفت جهة التوقف، فلا دَوْر.
وأجاب القرافي بأن السائل عن الخبر يعرف التصديق والتكذيب إجمالًا ولا يعرف نفس الخبر، فإذا ذكر له ذلك، انتظم له بالتفصيل معنى الخبر، وتَبيَّن له مدلوله بمدلول لفظ الصدق والكذب.
ومنها: على مَن يقول: (ما يحتمل الصدق والكذب) أنه لا يحتمل إلا واحدًا منهما وإلا لزم اجتماع الضدين، فينبغي أن يُقال: (الصدق أو الكذب)؛ حتى يكون الواقع أحدهما فقط. كذا جنح إليه إمام الحرمين.
وجوابه: أن القابلية لهما لا بُدَّ منها في حالة واحدة، وأما الوقوع فلا يكون إلا أحدهما فقط، وذلك أنه لا يَلزم مِن تنافى المقبولين تنافي القَبولين، ألا ترى أن الممكن قابل للوجود
---------------
(¬١) كذا في (ز)، لكن في (ص): إليه.
(¬٢) كذا في (ز، ق، ظ، هامش ت). لكن في (ص، ض، ت): القيد. وفي (ش): العقد.

الصفحة 922