وتحرَّف هذا المذهب على صاحب "جمع الجوامع" فأورده على غير وَجْهه.
ويمكن أن لا يكون ذلك مذهبًا آخَر، بل توفيقًا بين الأقوال؛ فلذلك لم أُومِ له في النَّظم كغيره مما أُومِئ إليه غالبًا مِن المذاهب الضعيفة.
تنبيهات
أحدهما: مما يتفرع على انقسام الخبر إلى صدق وكذب فقط مسألة محمد بن الحسن في "الجامع": "إنْ أخبرتني أن فلانًا قَدِمَ فأنت طالق"، أنه يحنث بإخبارها صادقةً أو كاذبةً، وهو مذهبنا أيضًا.
ومثله "مَن أخبرني بقدوم زيد فهو حر" فأخبره كاذبًا، يُعتق، بخلاف "مَن بشرني" فإن البشارة الخبر الأول السارُّ الصادق.
نعم، يُشكِل على هذا الأصل قول أصحابنا فيما إذا قال: (إن لم تخبريني بعدد حَب هذه الرمانة فأنت طالق)، أن طريق الخلاص أن تذكر عددًا لا تنقص عنه ثم تزيده واحدًا واحدًا إلى حدٍّ لا يمكن أن تجاوزه الرمانة.
فإن مقتضَى كون الخبر يكون صدقًا وكذبًا أن تَبَر بأي شيء قالته ولو كان كذبًا، ونحوه: (إن لم تخبريني بعدد الصلوات في اليوم والليلة) ونحو ذلك.
وقد يجاب بأن القرينة قامت في هذه الصورة على أنه قصد الإخبار الصدق، لا مطلق الخبر.
الثاني: مورد الصدق والكذب في الخبر هو النسبة الإسنادية، لا ما يقع في أحد الطرفين من النِّسَب التقييدية، فإذا قلتَ: (زيدُ بنُ عمرو قائم)، فمحلهما إسناد القيام لزيد، لا نسبة بُنُوَّتِه لعمرو. وكذا قرره السكاكي وغيره من البيانيين.