كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 2)

بموافقته له في المعنى وفي الحروف الأصلية التي هي حروف بنائه على هذه الصورة.
وصرحتُ باعتبار التغيير؛ لأجل قولي أولًا: (وَفْقِ الْمَعْنَى) بخلاف مَن يُعَبر بالتناسب، فإنه قد يُستغنَى به عن التصريح بالتغيير كما قدمناه.
ولذلك لَمَّا قال ابن الحاجب: (إنَّ المشتق ما وافق أصلًا بحروفه الأصول ومعناه) (¬١)، قال: (وقد يُزاد: "بتغييرٍ ما") (¬٢). أي: للإيضاح، خِلافًا لمن رد عليه بأنه يقتضي أنه مِن تمام الحد وإنما هو مِن شروط المغايرة، وليس كذلك؛ لِمَا علِمتَه.
وقولي: (وَلَوْ مُقَدَّرَا) تنبيه على أن التغيير قد يكون ظاهرًا كَـ "عالِم" من العِلم، وقد يكون مقدَّرًا كَـ"طَلَبَ" من الطَّلَب و"هَرَب" من الهرب و"جَلَبَ" من الجلَب، فيقدر زوال الفتحة التي في العين ومجيءُ فتحة أخرى بها بناء الفعل كما فعل سيبويه في "جُنُب" للمفرد والجمع، وأنَّ ضمةَ النون في الجمع غير ضمة النون في المفرد تقديرًا، وأيضًا فحركة لام الفعل في نحو "طَلَبَ" بِناءٌ، وآخِر المصدر إذا حُرِّك إنما هو إعرابٌ للعامل، فتغايَرَا.
وقولي: (وَلَوْ مَجَازًا) إشارة إلى مسألة خلافية، وهي أن المجاز هل يشتق منه؟ أوْ لا يكون الاشتقاق إلا من حقيقة؟ فنحو "الصلاة" إذا قُلنا: حقيقتها الدعاء ومجازها ذات الركوع والسجود، فهل يُقال مِن الثاني: "صلى، ويصلي، ومُصَلٍّ" من حيث كوْنه مجازًا قبل أن يصير حقيقة شرعية؟ أو يُقَدر أن هذا أُخِذَ من "الصلاة" بمعنى الدعاء ثم تُجُوِّز به كما تُجوز بأصله؟
الجمهور على الأول.
وخالف القاضي أبو بكر والغزالي وإلْكِيَا، فمنعوا الاشتقاق مِن المجازات وأنه لا
---------------
(¬١) مختصر المنتهى مع شرح الأصفهاني (١/ ٢٣٧).
(¬٢) مختصر المنتهى مع الشرح (١/ ٢٤١).

الصفحة 940