كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

[البقرة: ١٨٧]، فإنه يدل بالصريح على جواز المباشرة إلى الصبح ولكن يلزم منه صحة الصوم جُنبًا، فلو لم يكن ما بين الفجر إلى تمام الغسل صيامًا لَكان مستثنًى مقداره قبل الفجر مِن المباشرة في الليل، وهو معنى قولي: (في "الْآنَ بَاشِرُوا" تَجِدْ)، أي: في قوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [[البقرة: ١٨٧]]، الآية - تجد المثال للمسألة.
وكذلك تقدير مدة الحمل بستة أشهر مِن قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]، مع قوله تعالى: " {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: ١٤].
وجمن أمثلة ابن الحاجب قوله - صلى الله عليه وسلم - في النساء: "إنهن ناقصات عقل ودين" (¬١)، ثم قال في نقصان دينهن: "تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي" (¬٢).
---------------
(¬١) صحيح البخاري (رقم: ٢٩٨)، صحيح مسلم (رقم: ٧٩) بلفظ: (ما رأيت من نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحْازِمِ من إِحْدَاكُنَّ).
(¬٢) لم أجد رواية بهذا اللفظ، وقال السخاوي في (المقاصد الحسنة، ص ٢٦٧): (حَدِيث: "تمَكُثُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا لا تُصَلِّي" لا أَصل له بهذا اللفظ، فقد قال أَبو عبد الله ابن منده فيما حكاه عنه ابن دقيق العيد في "الإمام": ذكر بعضهم هذا الحديث، ولا يثبت بوجه من الوجوه. وقال البيهقي في "المعرفة": هذا الحديث يذكره بعض فقهائنا، وقد تطلبته كثيرًا، فلم أجده في شيء من كتب الحديث، ولم أجد له إسنادًا. وقال ابن الجوزي في "التحقيق": هذا لفظ يذكره أصحابنا ولا أعرفه. وقال الشيخ أَبو إسحاق في "المهذب": لم أجده بهذا اللفظ إلَّا في كتب الفقهاء. وقال النووي رحمه الله في شرحه: باطل لا يُعرف. وفي "الخلاصة": باطل لا أصل له. وقال المنذري: لم يوجد له إسناد بحال. وأغرب الفخر ابن تيمية في شرح "الهداية" لأبي الخطاب، فنقل عن القاضي أبي يعلى أنَّه قال: ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم البستي في كتاب "السنن" له. كذا قال! وابن حاتم ليس بُستيًّا، وإنَّما هو رازيّ، وليس له كتاب يقال له "السنن").
والرواية التي في صحيح مسلم (رقم: ٧٩) بلفظ: (وَتمَكُثُ اللَّيَالِي ما تُصَلِّي).

الصفحة 979