كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

كما بينتُ ذلك؛ ولهذا [لم أتركه] (¬١)، بل عقبته بالتحقيق الذي هو النَّص، فاعْلَمه.

تنبيهان
الأول: قال صاحب "كشف الأسرار" من الحنفية ما نَصه: (ظن بعض الشَّافعية أن هذا قياس جَلِي، وأصْله التأفيف وفَرْعه الضرب وعِلَّته دَفْع الأذى، وليس كما ظن؛ لأنَّ الأصل في القياس لا يجوز أن يكون جُزءًا مِن الفرع بالإجماع) (¬٢).
قلتُ: هذا عجيب؛ فإنه إنما قِيس المسكوت على المنطوق، لا الأَعَم على بعضه، والعجب أنَّه إنما تَعرَّض للضرب فقط، لا لِمُطْلَق الإيذاء حتَّى يكون أَعَم من التأفيف.
الثاني: أشار إمام الحرمين في "البرهان" في "كتاب القياس" إلى أن الخلاف لفظي، وليس كذلك، بل من فوائده ما سيأتي في باب النسخ أَنَّا إذا قُلنا: (دلالته لفظية)، جاز النَّسخ به، وإلا فلا.
ومنها: أنَّه يُقَدَّم عليه الخبر إنْ كان قياسًا، وإلا فلا. قاله الغزالي في "المنخول".
نعم، قال الأستاذ أَبو إسحاق: هو قياس ولكن لا يُقَدَّم عليه الخبر.
قلتُ: ومَنْشَأُ ذلك كله ما سبق مِن أن له اعتبارًا آخَر في استناد النَّص.
قيل: ولا شك في تقديمه على القياس؛ لأنه أقوى منه، لكن لو كان القياس عِلته منصوصة فالظاهر تقديم القياس عليه؛ لأنه بمنزلة النَّص.
---------------
(¬١) في (ز، ظ): أركتمه.
(¬٢) كشف الأسرار (١/ ١١٥).

الصفحة 989