كتاب صيد الخاطر

24- وقد يهان الشيخ في كبره حتى ترحمه القلوب، ولا يدري أن ذلك لإهماله حق الله تعالى في شبابه! فمتى رأيت معاقبًا؛ فاعلم أنه لذنوبٍ.
11- فصل: الحسد منشؤه حب الدنيا.
25- تأملت التحاسد بين العلماء، فرأيت منشأه من حب الدنيا، فإن علماء الآخرة يتوادون، ولا يتحاسدون: كما قال عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} "الحشر:9"، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} "الحشر:10".
وقد كان أبو الدرداء1 يدعو كل ليلة لجماعة من إخوانه.
وقال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي: أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر.
26- والأمر الفارق بين الفئتين: أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرئاسة فيها، ويحبون كثرة الجمع والثناء، وعلماء الآخرة بمعزل من إيثار ذلك، وقد كان يتخوفونه، ويرحمون من بلي به.
وكان النَّخَعَيُّ2 لا يستند إلى سارية.
وقال علقمة3: أكره أن يوطأ عقبي، ويقال: علقمة. وكان بعضهم إذا جلس إليه أكثر من أربعة، قام عنهم. وكانوا يتدافعون الفتوى4، ويحبون الخمول5.
27 مثل القوم كمثل راكب البحر، وقد خبَّ6، فعنده شغل إلى أن يوقن
__________
1 عويمر بن مالك بن قيس الأنصاري الخزرجي، صحابي من الحكماء الفرسان القضاة العباد توفي بدمشق سنة "32هـ".
2 إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران "46-96هـ"، من مذحج من أكابر التابعين صلاحًا وصدق رواية وحفظًا للحديث، من أهل الكوفة، مات متخفيًّا من الحجاج.
3 علقمة بن قيس النخعي الكوفي، أبو شبل، عداده في المخضرمين، ولازم عبد الله بن مسعود، شهد صفين وغزا خراسان، توفي سنة "62هـ".
4 أي: يحيل كل واحد منهم الفتوى إلى من يرى أنه أعلم منه.
5 الخمول: التواضع والبعد عن الشهرة.
6 خب البحر: هاج وماج.

الصفحة 30