كتاب صيد الخاطر

عبَّاس رضي الله عنهما: خيار هذه الأمة أكثرها نساء، وكان يطأ جارية له، وينزل في أخرى، وقالت سرية1 الربيع بن خثيم2: كان الربيع يعزل3.
59- وأما المطعم، فالمراد منه تقوية هذا البدن لخدمة الله عز وجل، وحق على ذي الناقة أن يكرمها لتحمله.
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأكل ما وجد، فإن وجد اللحم أكله، ويأكل لحم الدجاج4، وأحب الأشياء إليه الحلوى والعسل5، وما نقل عنه أنه امتنع من مباح.
وجيء علي رضي الله عنه بفالوذج6، فأكل منه، وقال: ما هذا؟ قالوا: يوم النوروز7. فقال: نورزونا كل يوم.
وإنما يكره الأكل فوق الشبع، واللبس على وجه الاختيال والبطر.
60- وقد اقتنع أقوام بالدون من ذلك؛ لأن الحلال الصافي لا يكاد يمكن فيه تحصيل المراد؛ وإلا فقد لبس النبي صلى الله عليه وسلم حلة اشتريت له بسبعة وعشرين بعيرًا8، وكان لتميم الداري حلة اشتريت بألف درهم يصلي فيها بالليل.
61- فجاء أقوام، فأظهروا التزهد، وابتكروا طريقة زينها لهم الهوى، ثم تطلبوا لها الدليل، وإنما ينبغي للإنسان أن يتبع الدليل، لا أن يتبع طريقًا، ويتطلب دليلها!
__________
1 السرية: الأمة التي يقتنيها سيدها ليتمتع بها.
2 أبو يزيد الثوري الكوفي، عابد مخضرم، كان يعد من عقلاء الرجال، توفي سنة "65هـ".
3 يعزل: أي لا يدع جاريته تحمل منه.
4 رواه البخاري "5517 و 5518"، ومسلم "1268و 1649" عن أبي موسى رضي الله عنه.
5 رواه البخاري "4912 و 5431" عن عائشة رضي الله عنها.
6 الفالوذج: فارسي معرب "بالوده" أي: الصافي والمصفى، وهو نوع من الحلوى تصنع من الدقيق والماء والعسل، وتسمى الآن بالوظة وهي تشبه الجيلي.
7 النوروز: فارسي معرب معناه: اليوم الجديد، وهو عيد رأس السنة عند الفرس، ويصادف أول فصل الربيع.
8 لم أجده لكن روى أبو داود "3034" عن أنس بن مالك: أن الملك ذا يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيرًا، فقبلها. "ضعيف".

الصفحة 41