كتاب صيد الخاطر

138- وَفَرَاغُ النَّفْسِ من الاهتمام بود محبوس أصل عظيم، يوجب إقبال القلب على المهمات، ومن فرغ من المهمات العارضة، أقبل على المهمات الأصلية، ولهذا جاء في الحديث: "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان"1، و "إذا وضع العَشَاء، وحضرت العِشَاء، فابدؤوا بالعَشَاءِ"2.
139- فمن قدر على امرأةٍ صالحةٍ في الصورة والمعنى، فليغمض عن عوراتها3، ولتجتهد هي مراضيه4، من غير قرب يمل، ولا بعد ينسي، ولتقدم على التصنع5 له، يحصل الغرضان منها: الولد، وقضاء الوطر، مع الاحتراز الذي أوصيت به، تدوم الصحبة، ويحصل الغناء6 بها عن غيرها.
140- فإن قدر على الاستكثار، فأضاف إليها سواها، عالمًا أنه [بذلك] يبلغ الغرض، الذي يفرغ قلبه زيادة تفريغ، كان أفضل لحاله.
141- فإن خاف من وجود الغيرة ما يشغل القلب الذي قد اهتممنا بجمع همته، أو خاف وجود مستحسنة، تشغل قلبه عن ذكر الآخرة، أو تطلب منه ما يوجب خروجه عن الورع، [فحسبه واحدة] .
142- ويدخل فيما أوصيت به أنه يبعد في المستحسنات العفاف، فليبالغ الواجد لهن في حفظهن وسترهن، فإن وجد ما لا يرضيه، عجل الاستبدال، فإنه سبب السلو، وإن قدر على الاقتصار، فإن الاقتصار على الواحدة أولى، فإن كانت على الغرض قنع، وإن لم تكن استبدل.
143- ونكاح المرأة المحبوبة يستفرغ الماء المجتمع، فيوجب نجابة الولد وتمامه، وقضاء الوطر بكماله.
__________
1 رواه البخاري "7158"، ومسلم "1717" عن أبي بكر رضي الله عنه.
2 رواه البخاري "673"، ومسلم "559" عن ابن عمر رضي الله عنهما.
3 عوراتها: عيوبها.
4 ما لم يكن إثمًا، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، على أن تصرفه عن مطلبه غير المشروع بلطف ومداراة، وتذكير ونصح ما أمكن.
5 التصنع: التزين والتطيب.
6 الغَناء: الاستغناء.

الصفحة 64