كتاب صيد الخاطر

العمران، وتقوم به المعايش، وإنما تصلح الحياة بهذا التفاوت البعيد.
232- ثم بين الخاصة فروق:] 1 فإن العارف لا يتسع وقته لمخالطة من يقف مع الصورة؛ فالزاهد كراعي البهم، والعالم كمؤدب الصبيان، والعارف كملقن الحكمة. ولولا نفاط2 الملك وحارسه ووقاد أتونه3، ما تم عيشه.
233- فمن تمام عيش العارف استعمال أولئك بحسبهم، فإذا وصلوا إليه، حرر ما معهم4، وفيهم من لا يصل إليه، فيكون وجود أولئك كزيادة "لا" في الكلام، هي حشو، وهي مؤكدة.
234- فإن قال قائل: فهب هذا يصح في الدنيا، فكيف في الجنة؟! والجواب: أن الأنس بالجيران مطلوب، ورؤية القاصر من تمام لذة الكامل5، ولكل شرب، ومن تأمل ما أشرت إليه، كفاه رمز لفظي عن تطويل الشرح.
__________
1 زيادة من بعض النسخ المطبوعة.
2 النفاط: رامي النفط. وفي حاشية الأصل: في الأحمدية: نغاط بالغين المعجمة والظاء المشالة.
3 الأتون: الموقد الكبير.
4 في الأحمدية والمصرية: مانعهم.
5 في حاشية الأصل: في المصرية والأحمدية: لذة الكلام.
45- فصل: من حكمة الله في النبات
235- لما تلمحت تدبير الصانع في سوق رزقي، بتسخير السحاب، وإنزال المطر برفق، والبذر [دفين] تحت الأرض كالموتى، قد عفن ينتظر نفخة من صور الحياة، فإذا [أصابته] 1، اهتز خضرًا، و [إذا] انقطع عنه الماء، مد يد الطلب يستعطي، وأمال رأسه خاضعًا، ولبس حلل التغير، فهو محتاج إلى ما أنا محتاج إليه من حرارة الشمس، وبرودة الماء، ولطف النسيم، وتربية الأرض! فسبحان من أراني -فيما يربيني به- كيف تربيتي في الأصل.
236- فيا أيتها النفس التي قد اطلعت على بعض حكمه! قبيح بك -والله-
__________
1 في الأصل: به.

الصفحة 92