كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة
تمهيد
في تعريف التوحيد وأقسامه
1 - تعريف التوحيد:
أ- التوحيد لغة: هو تفعيل وحد يقال: "وحده توحيداً: أي جعله واحداً" (¬1).
قال ابن فارس: "الواو والحاء والدال: أصل واحد يدل على الانفراد" (¬2).
وقال أبو القاسم الأصبهاني (¬3): "التوحيد على وزن التفعيل وهو مصدر وحّدته توحيداً ... ومعنى وحّدته: جعلته منفرداً عما يشاركه أو يشبهه في ذاته وصفاته، والتشديد فيه للمبالغة أي بالغت في وصفه بذلك، وقيل: الواو فيه مبدلة من الهمزة، والعرب تبدل الهمزة من الواو، وتبدل الواو من الهمزة كقولهم: وشاح وأشاح ... ويقال: جاؤوا أحاد أحاد، أي واحداً واحداً، فعلى
هذا: الواو في التوحيد أصلها الهمزة، قال الهذلي:
ليث الصريمة أحدان الرجال له صيد ومجتزئ بالليل هجّاس
وتقول العرب: واحد وأحد ووحد ووحيد، أي: منفرد، فالله تعالى واحد، أي منفرد عن الأنداد والأشكال في جميع الأحوال.
فقولهم: وحّدت الله، من باب عظمت الله، وكبرته، أي علمته عظيماً وكبيراً، فكذلك وحّدته، أي علمته واحداً، منزهاً عن المثل في الذات والصفات" (¬4).
¬_________
(¬1) القاموس المحيط ص 324، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، الطبعة الثامنة 1426، مؤسسة الرسالة، بيروت.
(¬2) معجم مقاييس اللغة (6/ 90)، تحقيق: عبدالسلام هارون، 1399، دار الفكر.
(¬3) هو إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني الملقب بقوام السنة، قال عنه الذهبي: "الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام"، توفي سنة 535. سير أعلام النبلاء (20/ 80 - 81).
(¬4) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة (1/ 305 - 306)، لأبي القاسم الأصبهاني، تحقيق: محمد بن ربيع بن هادي المدخلي، دار الراية.