كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

وقال الجرجاني: "التوحيد في اللغة: الحكم بأن الشيء واحد والعلم بأنه واحد" (¬1).
وقال السفاريني: "والتوحيد تفعيل للنسبة كالتصديق والتكذيب لا للجعل، فمعنى وحدت الله نسبت إليه الوحدانية، لا جعلته واحداً، فإن وحدانية الله تعالى ذاتية له ليست بجعل جاعل" (¬2).

ب- التوحيد اصطلاحاً:
تقسمت الطوائف في مفهوم التوحيد، وسمّى كل طائفة باطلهم توحيداً.
فأتباع الفلاسفة، عندهم التوحيد: إثبات وجود مجرد عن الماهية والصفة، بل هو وجود مجرد مطلق، لا يعرض لشيء من الماهيات ولا يقوم به وصف، ومن فروع هذا التوحيد: إنكار ذات الرب، والقول بقدم الأفلاك؛ فتوحيد هؤلاء: هو غاية الإلحاد والجحد والكفر (¬3).
وأما الاتحادية، فالتوحيد عندهم: أن الحق المنزه هو عين المشبه، وأنه سبحانه هو عين
وجود كل موجود وحقيقته وماهيته، فهو عندهم عين الناكح وعين المنكوح، وعين الذابح وعين المذبوح (¬4)، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
وأما أهل الكلام، فالتوحيد عندهم: "إفراد القديم من الحدث" (¬5).
وقيل: "اعتقدته منفرداً بذاته وصفاته لا نظير له ولا شبيه" (¬6).
¬_________
(¬1) التعريفات، ص 96.
(¬2) لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية غي عقد الفرقة المرضية (1/ 56 - 57)، للسفاريني، الطبعة الثانية 1402، مؤسسة الخافقين ومكتبتها، دمشق.
(¬3) مدارج السالكين بين منازل "إياك نعبد وإياك نستعين" (3/ 466)، لابن القيم، الطبعة الأولى, دار الكتب العلمية، بيروت.
(¬4) مدارج السالكين (3/ 466).
(¬5) فتح الباري (13/ 344)؛ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (10/ 357)، للقسطلاني، الطبعة السابعة 1323، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق، مصر.
(¬6) فتح الباري (13/ 345)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (25/ 122)، لبدر الدين العيني، ضبط وتصحيح: عبدالله عمر، الطبعة الأولى 1421، دار الكتب العلمية، بيروت؛ إرشاد الساري (10/ 357).

الصفحة 120