كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة
الصحيحة التي وردت في أن الشهيد لا يسأل، وألحق به من مات مرابطاً لظاهر حديث: «كل ميت يختم على عمله إلا المرابط، فإنه ينمو عمله إلى يوم القيامة، ويؤمَّن من فتان القبر» (¬1) , وألحق القرطبي بالشهيد الصديق لأنه أعلى مرتبة من الشهيد، ومنه يؤخذ انتفاء السؤال في حقه - صلى الله عليه وسلم - وفي حق سائر الأنبياء (¬2).
وعلى كل حال فمسألة استثناء الرسل عليهم السلام من سؤال الملكين ليس وراءها كثير فائدة، وليست من أصول الإيمان، والله أعلم.
المطلب الثاني: النفخ في الصور، والبعث من القبور:
الصور: هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل - عليه السلام - عند بعث الموتى إلى المحشر (¬3)، ومن أصول الإيمان باليوم الآخر ومستلزماته: الإيمان بالنفخ في الصور.
وقد قرر الإمام جمال الدين السرمري هذا الأصل في منظومته في الاعتقاد، فقال:
"وينفخ إسرافيل في الصور نفخة لصعق وأخرى فيه ينفخ للنشر
وموت الورى حق ومن بعد بعثهم وبينهما لا شك في عصرة القبر" (¬4).
وما قرره جمال الدين السرمري من النفخ في الصور هو الحق الذي دلت عليه النصوص، ومنها:
قوله - جل جلاله -: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: 99]
، وقوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: 102]، وقوله
¬_________
(¬1) أخرجه أبو داود (3/ 9)، كتاب الجهاد، باب في فضل الرباط، ح 2500؛ وقال الألباني: "إسناده صحيح، وصححه ابن حبان". صحيح أبي داود (7/ 260).
(¬2) الإيمان والرد على أهل البدع ص 82، لعبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، الطبعة الثالثة 1412، دار العاصمة، الرياض.
(¬3) انظر: النهاية في غريب الأثر (3/ 122)، لسان العرب (4/ 471).
(¬4) نهج الرشاد في نظم الاعتقاد، ص 38.