كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47]، وقال تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 102 - 103]، وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: 6 - 9].
أما من السنة: فإن الأحاديث التي جاءت في إثبات الميزان قد بلغت حد التواتر، حكى ذلك غير واحد من العلماء (¬1).
كما أن أهل السنة أجمعوا على القول بإثباته كما ورد في النصوص.
قال الزجاج: "أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان، ويميل بالأعمال" (¬2).
وقال السفاريني: "والحاصل أن الإيمان بالميزان كأخذ الصحف ثابت بالكتاب والسنة
والإجماع ... - إلى أن قال: - وانعقد إجماع أهل الحق من المسلمين عليه ... " (¬3).
فالإيمان بالميزان من أصول الإيمان باليوم الآخر.
وقد قرر الإمام جمال الدين السرمري هذا الأصل بقوله:
"وفي الحشر ميزان ونار وجنة وفيه صراط للمزلة والعبر" (¬4).
وقال في موضع آخر: "وقد جاء أن الله تعالى يوقفُ عبداً في الحساب، فتوزن حسناته وسيِّئاته ... " (¬5).
¬_________
(¬1) نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص 231، لمحمد بن جعفر الكتاني، الطبعة الثانية، دار الكتب السلفية، مصر؛ لوامع الأنوار البهية (2/ 185)؛ السلسلة الصحيحة (1/ 134) غير أن الألباني -رحمه الله- لم يجزم ببلوغها حد التواتر، وإنما قال: "والأحاديث في ذلك -أي الميزان- متضافرة إن لم تكن متواترة".
(¬2) فتح الباري (13/ 538).
(¬3) لوامع الأنوار (2/ 184 - 185).
(¬4) نهج الرشاد في نظم الاعتقاد، ص 38.
(¬5) الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة، ص 106.

الصفحة 200