كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

المبحث الثالث: الإيمان بالقضاء والقدر
الإيمان بالقضاء والقدر من أصول الإيمان الستة التي لا يتم الإيمان إلا بها، كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة.
ومن أدلة الكتاب قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وقوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: من الآية 38].
ومن السنة حديث جبريل وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في جواب سؤاله عن الإيمان: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره» (¬1).
والإيمان بالقضاء والقدر هو نظام التوحيد، فمتى اختل هذا الأصل العظيم، اختل توحيد العبد.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "القدر نظام التوحيد فمن وحَّدَ الله سبحانه وكذَّب بالقدر كان تكذيبه للقدر نقضاً للتوحيد، ومن وحَّد الله وآمن بالقدر كانت العروة الوثقى" (¬2).
وقد قرر الإمام جمال الدين السرمري -رحمه الله- هذا الأصل في عدة مواضع، ومن ذلك قوله في منظومته في الاعتقاد:
"وما لم يقدره المهيمنُ لم يكن ... وما قدَّره الرحمن لا بد أن يجري
إلى أن قال:
وما جاء من خير وشر مقدَّرٌ ... كذلك ما يأتي من الحُلو والمُرِّ" (¬3).
وقال في موضع آخر: "ومجمل شروط العبودية تلقي أوامر السيد بالقبول -إلى أن قال: -
¬_________
(¬1) رواه مسلم (1/ 36) ح 1، كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان، والإسلام، والقدر وعلامة الساعة.
(¬2) كتاب الشريعة (6/ 877)، للإمام أبي بكر الآجري، تحقيق: عبدالله الدميجي، الطبعة الأولى 1418، دار الوطن، الرياض.
(¬3) نهج الرشاد في نظم الاعتقاد، ص 34.

الصفحة 214