كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

وأن يعترف له بالقدرة على جميع المخلوقات، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ... " (¬1).
كما اعتنى الإمام جمال الدين السرمري -رحمه الله- ببيان هذا الأصل، وقرر بعض مسائله بما يتفق مع دلالة الكتاب والسنة، كما سيتضح من خلال المطالب التالية.

المطلب الأول: معنى الإيمان بالقضاء والقدر:
القضاء لغة: أصله من قضى، قال ابن فارس: "القاف والضاد والحرف المعتل أصل صحيح يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته" (¬2).
أما القضاء شرعاً فيأتي على عدة أوجه، ومنها (¬3):
1 - الأمر، ومنه قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: من الآية 23]
2 - الإنهاء، ومنه قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} [الحِجر: من الآية 66]، أي: تقدمنا إليه وأنهينا.
3 - الحكم، ومنه قوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: من الآية 72]
4 - الفراغ، ومنه قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فُصِّلَت: من الآية 12].
5 - الإعلام، ومنه قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء: من الآية 4].

أما القدر لغة: قال ابن فارس: "القاف والدال والراء أصل صحيح يدل على مبلغ الشيء
¬_________
(¬1) الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة ص 137 - 138.
(¬2) معجم مقاييس اللغة (5/ 99)؛ وانظر: لسان العرب (15/ 186)، المفردات في غريب القرآن ص 406 - 407.
(¬3) انظر: القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه ص 34 - 35، د. عبدالرحمن المحمود، الطبعة الثانية 1418، دار الوطن.

الصفحة 215