كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

وفي سنة 764 ولي الملك الأشرف شعبان بن حسين، وكانت سنه العاشرة، وقد حكم نحو أربع عشرة سنة، حتى خنق سنة 778 (¬1).

علاقة هذه الأحداث في حياة السرمري:
لقد عاش السرمري رحمه الله بدمشق في فترة تولي أولاد وأحفاد الناصر محمد، وهي الفترة التي كان الصراع على السلطة فيها على أشده، وعاش قبل ذلك في العراق مايقارب الاثنين والأربعين سنة تحت حكم التتر، وقد لخص ما تقدم من الحالة السياسية في عصره فقال: "وقد جاء الحديث عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لم تظهر الفاحشة في قوم إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولانقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم فأخذ بعض ما في أيديهم، وإذا لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتفكروا فيما أنزل الله إلا جعل الله عز وجل بأسهم بينهم» رواه ابن ماجه في سننه (¬2) -ثم علق على الحديث بقوله: - وهذه الأمور قد ظهرت عقوباتها -كما ترى- قد وقعت، وإنا لله وإنا إليه راجعون" (¬3) وفي هذا إشارة لما كان في عصره من جور السلطان وتسلط العدو والنزاعات الداخلية؛ ويُعدُّ نبوغه وسط هذه
الظروف السيئة دليلاً قوياً على عبقرية هذا العالم الذي كان نجماً يتلألأ في سماء ذلك الظلام الحالك في ذلك الزمان، الذي هو من أشد القرون فتنة واضطراباً، فلا يمر عامٌ إلاَّ وقد تكرر فيه وقوع أحداثٌ مؤلمةٌ.
¬_________
(¬1) انظر: عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (1/القسم الأول/39 - 40).
(¬2) أخرجه ابن ماجه (3/ 425 - 426) بنحوه في كتاب الفتن، باب العقوبات، ح 4019؛ قال الألباني: "حسن". انظر: صحيح سنن ابن ماجه (3/ 316) ح 4091, لمحمد ناصر الدين الألباني, الطبعة الأولى 1417, مكتبة المعارف, الرياض.
(¬3) كتاب فيه ذكر الوباء والطاعون ص 37، ليوسف السرمري، تحقيق: شوكت بن رفقي شوكت، الطبعة الأولى 1424، دار الأثرية بعَمان، دار المحبة بدمشق.

الصفحة 22