كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

المطلب الثاني: الحالة الإجتماعية:
من بداهة الأمور أن تتأثر الحياة الاجتماعية بالحياة السياسية التي تحيط بها؛ فاستقرار الأحوال الاجتماعية مرهون باستقرار الأحوال السياسية، ويكون هناك مد وجزر، كما يكون في الأخرى.
وقد تمثلت أهم ملامح الحالة الاجتماعية فيما يلي:
1 - أدت الفتن والمنازعات الداخلية بين طوائف المماليك، إلى خلق فوضى اجتماعية، إذ كان مجرد إشاعة موت أحد السلاطين، يسبب فزعاً شديداً للناس فتغلق الأسواق والحوانيت، وتبدو المدينة وكأن سكانها من الموتى (¬1).
2 - كثر الغش واحتكار الأقوات، والتطفيف في الكيل والميزان، فاشتد الغلاء، وانتشرت الفاقة وعم البؤس، فألف العلماء بسبب ذلك المؤلفات ليشاركوا في حل هذه المشكلة حلاً إسلامياً، ودعوا إلى النظر في مصالح العامة وفرض التسعيرات الجبرية عند اشتداد الغلاء، والضرب على أيدي المطففين والمحتكرين (¬2).
3 - حدثت في هذا العصر عدة مجاعات وأوبئة كان سببها في غالب الأحوال راجعاً إلى قصور فيضان نهر النيل (¬3)، وكان أشدها ماحدث بين سنتي 694 - 695 فقد وصل الأمر بالناس إلى أكل الحمر والخيل والبغال والكلاب، ولم يبق شئ من هذه الحيوانات يلوح إلا
أكلوه (¬4)، وماحدث سنة 749 من ذلك الوباء المروع الذي اجتاح الأرض من أقصاها إلى أقصاها، وقد تراوحت أعداد ضحاياه ما بين عشرة آلاف وعشرين ألف نسمة يومياً (¬5).
¬_________
(¬1) انظر: عصر سلاطين المماليك التاريخ السياسي والاجتماعي ص 345، د. قاسم عبده قاسم، الطبعة الأولى 1988، الناشر: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية.
(¬2) انظر: مقدمة تحقيق "الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية" (1/ 29)، لسالم محمد القرني، الطبعة الأولى 1419، مكتبة العبيكان، الرياض.
(¬3) انظر: عصر سلاطين المماليك التاريخ السياسي والاجتماعي ص 347 - 348.
(¬4) انظر: البداية والنهاية (13/ 405).
(¬5) انظر: عصر سلاطين المماليك التاريخ السياسي والاجتماعي ص 349.

الصفحة 23