كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

مشاهدة، كقول: طلعت الشمس وغربت أنه يقال: آمناه، كما يقال: صدقناه، ولهذا المحدثون والشهود ونحوهم، يقال: صدقناهم، وما يقال: آمنا لهم؛ فإن الإيمان مشتق من الأمن، فإنما يستعمل في خبر يؤتمن عليه المخبر؛ كالأمر الغائب الذي يؤمن عليه المخبر، ولهذا لم يوجد قط في القرآن وغيره لفظ: آمن له؛ إلا في هذا النوع" (¬1).
وقال أيضاً: "أن لفظ الإيمان في اللغة لم يقابل بالتكذيب، كلفظ التصديق؛ فإنه من
المعلوم في اللغة أن كل مخبر يقال له: صدقت أو كذبت، ويقال: صدقناه، أو كذبناه، ولا يقال: لكل مخبر: آمنا له أو كذبناه، ولا يقال: أنت مؤمن له أو مكذب له؛ بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ الكفر، يقال: هو مؤمن أو كافر، والكفر لا يختص بالتكذيب" (¬2).

تعريف الإيمان شرعاً:
يحدد الإمام جمال الدين السرمري مفهوم الإيمان شرعاً: بأنه تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بكثرة العمل والطاعة وينقص بترك العلم والمعصية.
يقول في ذلك:
"وإيمانُنا قول وفعل ونيّة ... فقولٌ كمن يقرا وفعل كمن يقري
يَقل بعصيان وينمو يضده ... وإن قل حتى كان في زنة الذَّر" (¬3)
وقال في كتاب الإيمان من كتابه إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة: "وهو -أي الإيمان- قول وعمل يزيد وينقص" (¬4).
وهذا الذي قرره هو مذهب أهل السنة.
قال الإمام الشافعي: "وكان الإجماع من الصحابة والتابعين مِن بعدهم ممن أدركناهم: أن
¬_________
(¬1) مجموع الفتاوى (7/ 291).
(¬2) مجموع الفتاوى (7/ 292).
(¬3) نهج الرشاد ص 31 - 32.
(¬4) إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة ص 74.

الصفحة 236