كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

بشاك، قيل له: إن شاء الله، أليس هو شكاً؟ فقال: معاذ الله، أليس قد قال الله تعالى {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: من الآية 27] وفي علمه أنهم يدخلونه، وصاحب القبر إذا قيل له: وعليه تبعث إن شاء الله، فأي شك هاهنا؟ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» " (¬1).
وعن الأثرم قال: "حدثنا أبو عبدالله -يعني الإمام أحمد- بحديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله»، فقال: هذا أيضاً أرجو، أي هو حجة في الاستثناء في الإيمان، أي: إنه قال أرجو وهو أخشاهم" (¬2).
ولم أقف على كلام صريح للإمام جمال الدين السرمري رحمه الله في مسألة الاستثناء في الإيمان، لكنه ممن يرى أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص كما تقدم، ومن قال بهذين الأصلين قال بالاستثناء في الإيمان.
قال الخلال: "دخل عليه -أي الإمام أحمد- شيخ فسأله عن الإيمان، فقال له: قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له: أقول: مؤمن إن شاء الله؟ قال: نعم، فقال له: إنهم يقولون لي: إنك شاك، قال: بئس ما قالوا، ثم خرج، فقال: ردوه، فقال: أليس يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص؟ قال: نعم، قال: هؤلاء يستثنون، قال له: كيف يا أبا عبد الله؟ قال: قل لهم: زعمتم أن الإيمان قول وعمل، فالقول قد أتيتم به، والعمل لم تأتوا به، فهذا الاستثناء لهذا العمل" (¬3).
¬_________
(¬1) الشريعة للآجري (3/ 660).
(¬2) رواه الخلال في السنة (3/ 596 - 597) ح 1055، قال محقق الكتاب -د. عطية الزهراني-: "إسناده صحيح".
(¬3) مجموع الفتاوى (7/ 451).

الصفحة 242