كتاب منهج الإمام جمال الدين السرمري في تقرير العقيدة

كما أنه سبحانه وتعالى فاضل بين الأمم، فقال - سبحانه وتعالى -: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة من الآية: 47].
وكذلك الصحابة - رضي الله عنهم - كسائر الخلق بينهم التفاضل، قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد: من الآية 10].
وأهل السنة والجماعة يقرون بما تواتر به النقل ودلت عليه الآثار من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ووقع الخلاف من بعضهم في عثمان وعلي - رضي الله عنهم - في الفضل مع إجماعهم على تقديم عثمان - رضي الله عنه - في مسألة الخلافة.
ثم استقر قول أهل السنة على تقديم عثمان على علي في الفضل، وأن ترتيب الخلفاء الأربعة في الفضل كترتيبهم في الخلافة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض ذكره لأصول أهل السنة والجماعة: "ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعن غيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربِّعون بعلي - رضي الله عنهم - كما دلت عليه الآثار وكما أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي -رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر- أيها أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا أو ربعوا بعلي، وقدَّم قوم علياً، وقوم توقفوا؛ لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان، وإن كانت هذه المسألة -مسألة عثمان وعلي- ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن المسألة التي يضلل المخالف فيها هي مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون بأن الخليفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء الأئمة فهو أضل من حمار أهله" (¬1).
وهذا ما قرره جمال الدين السرمري رحمه الله حيث قال:
¬_________
(¬1) مجموع الفتاوى (3/ 153).

الصفحة 256