غير ذلك نذكرها فيما [ق 4/و] بعد إن شاء الله تعالى في مواضعها يتبيَّن بها فضله على غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين , ونذكر من معجزاته وما آتاه الله تعالى من الكرامات والمزايا الكريمة والعطايا العظيمة ممَّا فاق به عليهم من الآيات البيِّنات والمفاخر الظاهرات , فمن ذلك: أولو العزم (¬1) من الرسل وهم خمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى [ابن مريم] (¬2) ومحمد صلى الله عليهم وسلم , فمحمد - صلى الله عليه وسلم - آخرهم بعْثاً وأوّلهم في الذّكْر والفضيلة قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [الأحزاب: 7].
¬_________
(¬1) قال ابن عباس: معنى أولي العزم: ذوو الحزم , وقال الضحاك: ذوو الجد والصبر.
انظر: الكشف والبيان (9/ 24) , لأبي إسحاق الثعلبي , تحقيق: ابن عاشور , الطبعة الأولى 1422 , دار إحياء التراث , بيروت؛ الجدول في إعراب القرآن (26/ 204) , لمحمود صافي؛ وقد اختلف العلماء فيمن هم أولي العزم من الرسل , فقال ابن زيد: كل الرسل كانوا أولي عزم، وكل الأنبياء ذوو حزم وصبر ورأي وكمال وعقل , وهذا القول هو اختيار فخر الدين الرازي , وفسرت (من) في قوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35] للتبيين لا للتبعيض، كما تقول ثوب من خز , وقال قوم: هم نجباء الرسل المذكورون في سورة الأنعام , وهم ثمانية عشر لقوله بعد ذكرهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: من الآية 90] , وقال الكلبي: هم الذين أمروا بالجهاد وأظهروا المكاشرة لأعداء الله , وقيل: هم ستة: نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى وهم المذكورون على النسق في سورة الأعراف والشعراء , وقال مقاتل: هم ستة: نوح صبر على أذى قومه، وإبراهيم صبر على النار، ويعقوب صبر على فقد ولده وغشاوة بصره، ويوسف صبر على الجب والسجن، وأيوب صبر على الضر , وقال ابن عباس وقتادة: هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم أجمعين، فهم أصحاب الشرائع، وقد ذكرهم الله على التخصيص والتعيين في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب: من الآية 7] , ولعله الراجح , والله أعلم.
انظر: الكشف والبيان (9/ 25 - 26) للثعلبي , الجدول في إعراب القرآن (26/ 204) لمحمود صافي.
(¬2) "ابن مريم" زيادة من ب.