عليه الصلاة والسلام فعل ذلك مستخفياً من قومه وأحال به على كبيرهم وإن كان ذلك إلزاماً للحجة على قومه إذا لم ينطقوا حتى عدّد ذلك من كذباته , فنبينا - صلى الله عليه وسلم - دخل هو وعلي - رضي الله عنه - الكعبة فصعد - صلى الله عليه وسلم - على منكب عليٍّ - رضي الله عنه - فلم يقدر عليٌّ على حمله , فأصعد عليّاً على منكبه فقلع الصنم الذي كان من صُفرٍ على الكعبة فقذفه فوقع فتكسر كما تتكسَّر القوارير (¬1) [ق 8/و] , ولا ريب أنَّ هذا كان سراً من قريش والأول (¬2) جهراً يوم فتح مكة.
فإن قيل: إبراهيم - عليه السلام - لمَّا أُلقي في نار نمروذ (¬3) خمدت وطفئت , قلنا: أبلغ من ذلك نار جهنم إذا مرَّ عليها المؤمن من أمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - قالت: جُزْ يامؤمن فقد أطفأ نورك لهبي (¬4).
وليلة مولد نبينا - صلى الله عليه وسلم - خمدت نيران فارس التي كانت تُعبَد ولم تخمد قبل ذلك بألف
¬_________
(¬1) أخرجه أحمد في مسنده (1/ 443 - 444) ح 644 , من طريق علي - رضي الله عنه - , بلفظ: "انطلقت أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أتينا الكعبة , فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجلس» وصعد على منكبي , فذهبت لأنهض به , فرأى مني ضعفاً فنزل , وجلس لي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - , وقال: «اصعد على منكبي» , قال: فصعدت على منكبيه , قال: فنهض بي , قال: فإنه يخيل إلي أني لو شئت لنلت أفق السماء , حتى صعدت على البيت , وعليه تمثال صُفر أو نحاس , فجلت أُزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه , حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقذف به» , فقذفت به , فتكسر كما تتكسر القوارير , ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نستبق , حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس"؛ وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 21) ح 9836؛ قال الشيخ أحمد شاكر: "إسناده صحيح". المسند للإمام أحمد (1/ 443) , شرح: أحمد شاكر , الطبعة الأولى 1416 , دار الحديث , القاهرة.
(¬2) في ب "والأول" عليها تضبيب.
(¬3) في ب "نمرود" بالدال المهملة.
(¬4) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (1/ 340) ح 277 , وقال فيه: "تفرد به سليم بن منصور وهو منكر"؛ والهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 652) ح 18446 , وقال فيه: "رواه الطبراني وفيه سليم بن منصور بن عمار وهو ضعيف"؛ وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (6/ 394) , تحقيق: يحيى غزاوي , 1409 , دار الفكر , بيروت؛ وقال الألباني: "ضعيف". انظر: ضعيف الجامع الصغير وزيادته , ص 623.