كتاب خصائص سيد العالمين وما له من المناقب العجائب

{السَّائِحُونَ} [التوبة: من الآية 112] يعني «الصّائمين» (¬1) رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) , وقال سعيد بن جُبَيْر: هم الصائمون ألم تر أنّ الله تعالى إذاً ماذكر الصائمين (¬3) , وقال الحسن: {السَّائِحُونَ} [التوبة: من الآية 112] الصائمون عن الحلال الممسكون عن الحرام , وقال عطاء: {السَّائِحُونَ} [التوبة: من الآية 112] الغُزَاةُ والمجتهدون , وقال عُمَر بن نافع: سمعت عكرمة وسئل عن قول الله تعالى: {السَّائِحُونَ} [التوبة: من الآية 112] فقال: هم طلبة العلم (¬4) , وقد أوتي محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وأمَّته من هذا النصيب الأوفى فقد ذكرنا أنه كان يصوم حتى يُقال لايُفطر , وقال بعض أصحابه وأراد التّبتل للعبادة: أما أنا فأصوم لا أُفْطر وهو عبدالله بن عمرو بن العاص وفعل ذلك مدَّة حتى نهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك شفقةً عليه (¬5) , وأمّا كون السياحة الجهاد فقد باشر النبي - صلى الله عليه وسلم - الجهاد بنفْسه وكُسرت رباعيته ودُمِي وهُشمت البيضة على رأسه وكان يَحْمل على الكَتيبَةِ ويقول: «أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب» (¬6) فيُوَلّي الكفارُ الأدبارَ , وقد جاهد في الله تعالى حق جهاده , وفي الصحيح أنَّ البراء قال: كنا والله
¬_________
(¬1) في ب "الصائمون".
(¬2) روي مرفوعاً وموقوفاً , والموقوف أصح. انظر: تفسير ابن كثير (4/ 220).
(¬3) قال سعيد بن جبير: "هم الصائمون ألم تر أن الله - عز وجل - إذا ذكر الصائمين لم يذكر السائحين , وإذا ذكر السائحين لم يذكر الصائمين". تفسير الثعلبي (5/ 98).
(¬4) انظر الأقوال في تأويل الآية: تفسير الثعلبي (5/ 98).
(¬5) أخرج البخاري في صحيحه (8/ 31) , كتاب الأدب , باب حق الضيف , ح 6134 , عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار» قلت: بلى , قال: «فلا تفعل , قم ونم , وصم وأفطر , فإن لجسدك عليك حقاً , وإن لعينك عليك حقاً , وإن لزورك عليك حقاً , وإن لزوجك عليك حقاً ... » الحديث.
(¬6) أخرجه البخاري (4/ 30) , كتاب الجهاد والسير , باب من قاد دابة غيره في الحرب , ح 2864؛ وأخرجه مسلم (3/ 1401) , كتاب الجهاد والسير , باب في غزوة حنين , ح 1776.

الصفحة 357