[الأحزاب: من الآية 35] , ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرَّزيئة (¬1) (¬2) فهو داخل في قوله: {وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ} [الأحزاب: من الآية 35] , ومن تصدَّق في كل أسبوع بدرهم فهو داخل في قوله تعالى: {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ} [الأحزاب: من الآية 35] , ومن صام في كل شهر أيام البيض: ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر فهو داخل في قوله: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} [الأحزاب: من الآية 35] , ومن حفظ فرجَه عمّا لا يحل له فهو داخل في قوله: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} [الأحزاب: من الآية 35] , ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: من الآية 35] (¬3) , فمحمَّد - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام جبل راسخ , وفي الإيمان عَلَم شامخ , وفي القنوت بحر طافح , وفي الصدق [ق 13/ظ] سحاب سافح (¬4) , وفي الخشوع إمام , وفي الصبر على الطاعة هُمام , وكان أبعد الناس عن المعصية , وأصبرهم على المَرْزِية , وكان أعظم الخلق بالصّدقة إيثاراً , وفي الهَواجر (¬5)
على مواظبة الصوم اصطباراً , وكان - صلى الله عليه وسلم - أمْلَكَ الخلق لإربه في الحلال فكيف عن الحرام , وأشد الناس مُثابرة على الصلوات والناس نيام , وكم في أمّته من قُطْبٍ (¬6) استنَّ بسنّته , وكم فيهم من
¬_________
(¬1) في ب "الرزيّة" بالتسهيل وكلاهما صحيح , فقد جاء في المعجم الوسيط: "الرزيئة ويقال الرزية بالتسهيل". المعجم الوسيط , إبراهيم مصطفى وأحمد الزيات وحامد عبدالقادر ومحمد النجار , تحقيق: مجمع اللغة العربية , دار الدعوة؛ وفي نسخة بهامش ب "الذريئة".
(¬2) الرزيئة بالمد والرزية: المصيبة. مختار الصحاح ص 267.
(¬3) انظر: تفسير الثعلبي (8/ 46).
(¬4) سافح: اسم لـ (سفح) , وقال ابن فارس: " السين والفاء والحاء أصل واحد يدل على إِراقة شيء , يقال سفح الدم إذا صبَّه" معجم مقاييس اللغة (3/ 61).
(¬5) الهواجر: شدة الحر. لسان العرب (5/ 250).
(¬6) القطب: كل من دار عليه أمر من أمور الدين أو الدنيا باطناً أو ظاهراً , فهو قطب ذلك الأمر ومداره , سواءٌ كان الدائر عليه أمر داره أو دربه أو قريته أو مدينته , أمر دينها أو دنياها , باطناً أو ظاهراً , لكن الممدوح من ذلك من كان مداراً لصلاح الدنيا والدين دون مجرد صلاح الدنيا , وهي من الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة , وليست موجودة في كتاب الله تعالى , ولا هي أيضاً مأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح ولا ضعيف. انظر: مجموع الفتاوى (11/ 433 , 440).