كتاب المعجم الاشتقاقي المؤصل (اسم الجزء: 1)

هذه العلاقات لا بد أن تُبيَّن مع خلوِّها من التكلف، ومن حيث إن هذه العلاقات لا بد أن تكون متَّسقة مع تكييف العرب ونظرتهم لأمور حياتهم بكل ما فيها، ثم من حيث إن المعنى المحوري المستخلَص لا بد أن تكون صياغته جامعةً (تصلح أن ينضوي تحتها معنى كلٍّ من مفردات التركيب)، ومحرَّرةً (بأن تكون خاصةً بهذا التركيب ومفرداته)، وموجزةً؛ ليمكن التعبير عن المعنى المحوري للتركيب بجملة واحدة. ومن هنا فإن كل كلمة في عبارة المعنى المحوري هي مقصودة، ويمكن أن يقربها لفظٌ أو أكثرُ من مفردات التركيب.
ثالثًا: بعد الأمرين السابقين جئتُ بمعاني مفردات كل تركيب قرآني في سياقاتها -مع بيان وجه انضوائها تحت المعنى المحوري وانتمائها إليه- وهذا مستوى آخر من التأصيل. وقد التزمتُ في استقراء المفردات بالقدر الذي رجَحت أنه كافٍ -سواء كان السياق قرآنيًّا أو كان لغويًّا ليس من النص القرآني الكريم. وفي حالة السياق القرآني فإني أختار من المعاني التي تذكرها التفاسيرُ ما أعتقد أنه الأوْلَى أن يفسَّر به اللفظ القرآني في سياقه. وقد آتي بمعنًى لم تذكره التفاسير إذا اطمأننت إلى أنه الأدق أو الأوْلى بتفسير اللفظ الكريم. وقد حرصت على أن أعزو ما أخذته من التفاسير إليها، وكذلك ما كان من لسان العرب أو غيره من المعاجم، كما ميزتُ ما كان من كلامي أنا تحملًا للمسئولية. وأسأله تعالى مغفرةَ ما يمكن أن يكون فاتني من ذلك التمييز. ولم أترك من المفردات القرآنية إلا أسماء الأعلام الأعجمية، وربما بعض أحرف المعاني، وأسماءَ الإشارة والموصول والشرط.
رابعًا: جئت ببيان العلاقة في المعنى بين تراكيب الفصل المعجمي الواحد. والفصل المعجمي يتمثل في التراكيب التي تبدأ بحرفين بعينيهما مرتَّبَيْن، سواء كانت تلك التراكيب ثلاثيةً أو رباعة. وقد ألحقنا بهذا الفصل ما توسَّطَ الحرفين فيه أو سبقهما أو تلاهما فيه حرفُ علة أو همزة، (مثلًا: بيان أن التراكيب: بدد، بدو، بيد، بدأ، أبد، بدر، بدع، بدل، بدن -وهي كلها من فصل (بدْ) - كلٌّ منها كلماته تعبر عن سورة من

الصفحة 19