كتاب المعجم الاشتقاقي المؤصل (اسم الجزء: 4)

لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} [هود: 9] إنه شديد اليأس كثيره، ييأس أن تعود إليه تلك النعمة المسلوبة، ويقطع رجاءه من فضل الله، من غير صبر ولا تسليم لقضائه، ولذلك {وَلَا تَيأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)} [يوسف: 87]. {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} [المائدة: 3] يئسوا من اضمحلال أمر الإسلام وفساد جمعه؛ لأن هذا أمر كان يترجاه من بقي من الكفار (إلى يوم فتح مكة) [بحر 3/ 440 وهو عن ابن عطية]. {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 4] (أي انقطعت عادة الحيض عندهن، وإنما استعمل اللفظ هنا؛ لأن نزول الحيض علامة بقاء الشباب. وكل امرأة تحب ذلك). {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ} هم اليهود أو الكفار قد يئسوا من الآخرة لكفرهم بها، أو لعلمهم بأنه لا خلاق لهم فيها، لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالآيات، {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} [الممتحنة: 13] كما يئس الكفار الذين ماتوا منهم؛ لأنهم وقفوا على حقيقة الحال، وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم وابتلاءهم بعذابها الأليم [أبو السعود 8/ 241] كأنه وعيد مرهب للكفار. {فَلَمَّا اسْتَيأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80] يئسوا أشدَّ يأس لما شاهدوه من عَوْذِ (العزيز) بالله مما طلبوه الدالّ علي أن ذلك عنده في أقصى مراتب الكراهة، وأنه مما يجب أن يعاذ بالله منه [أبو السعود 4/ 299]. وصورة المبالغة باستعمال صيغة الاستفعال هنا تتمثل في فشل مقاومة الوصول إلى حالة اليأس. وكذلك الأمر في {حَتَّى إِذَا اسْتَيأَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: 110] فلا شك أن الرسل لم يشعروا اليأس إلا بعد أن تطاولت وتمادت مدة التكذيب والعداوة من الكفار، وترقُّب الرسل وقوعَ عذاب الله الذي أَنذروا به الكفار دون أن يقع،

الصفحة 2368