كتاب المعجم الاشتقاقي المؤصل (اسم الجزء: 1)

الذي يعترضه بسبب ارتفاع وسط مقدم اللسان قرب طرف إلى ما يحاذيه من الحنك. وقد وصفوها بالتفشي، وهو أقوى أوصافها، ويمثل معناها.
والصاد: تعبِّر عن كونِ الشيء غليظًا قويًّا في ذاته خالصًا مما يخالطه -أو نفاذٍ كذلك. وذلك أخذا من "صَياصي البقر: قرونها، واحدها صِيصة. والصِّيص من ثمر النخل: الذي لا يشتد نواه أو لا يكون له ثوى أصلا، والصِيصاء- بالكسر: حَبُّ الحنظل الذي ليس في جوفه لبٌّ، الرجل الصُوص -بالفم- وهو اللئيم / المنفرد بطعامه لا يؤاكل أحدًا ". ومن قولهم: "بناء أصيص: محكَم، وناقة أصوص: شديدة موثقة، وقد أَصَّت: اشتد لحمُها وتلاحكت ألواحها ". وذلك المعنى للصاد يلتقي مع الشعور بتكونها بخروج هواء الزفير حُزْمَةً كثيفة (غليظة) ممتدة بين اللسان الذي يتقعر حينئذ، وأعلى الحنك الذي يصير كالطبق له، فيحس الناطق بها حزمة كثيفة (غليظة) من الهواء الخالص، لا يخالطها زمير الجهر، ينفذ من الفم بأثر الإطباق.
والضاد: تعبِّر عن غِلظٍ وثقلٍ له حِدَّةٌ ما، يخالط فيَضغَطُ بغِلَظِهِ وثقله ما خالطه. وذلك أخذا من "الضَوْضى والضَوضاء: الجلَبة وأصوات الناس " (توحي بتجمع كثيف ثقيل على الأذن)، ومن "الأَض: الكسر، وناقة مُؤْتَضَّة: أخذها كالحرقة عند نِتاجها فتصلَّقت (أي تقلبت) ظهرا لبطن. والأَضُّ -بالفتح: المَشَقّة، وأَضَّهُ: أحزنه وأجهده. وأضَّته إليه حاجة: أجهدته / ألجأته واضطرته " (وكل هذا فيه حدة وغِلظ مخالط وضغط). وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون صوت الضاد: حيث يمتد طرف اللسان إلى لثة الثنايا العليا، مع استعلاء أقصاه، وتقعر وسطه تقعرا واصلا إلى ترب طرفه، واستعراض جوانبه، فيملأ الفم؛ فلا يجد النفَسُ سبيلا للخروج إلا جانبي اللسان أو أحدَهما. فامتلاءُ الفم، وخروج النفَس بجُهد من الجانبين أو أحدهما، وغِلَظ الصوت الخارج، كل ذلك يُشعر بالغلظ والثقل وسائر

الصفحة 31